للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[إلا لمِثلك أَو مَنْ أنت سابِقُه … سَبْقَ الجواد إذا استولى على الأَمَدِ]

أَبَيْتَ اللَّعنَ، إن أملاكَ ذي رُعين -يعني ملوك اليمن- قد مدَّت لهم قَصَبات المجد (١) إِلى معالم الأحساب، ومناقب الأنساب، في حلبةٍ أنت غُرَّتُها، فجئتَ سابقًا لها. فقال له النعمان: لأنت أبلغُ في وصفهم من النّابغة في نظم قافيته. فقال خالد: ما أَبلغَ فيك مدحًا إلا وهو دون قدرك، ولو كان النابغة حاضرًا لقال وقلنا. فقال: عليَّ بالنابغة. فخرج الحاجب، فقال: فُتِح البابُ، ورُفِع الحجابُ، ادخل، فدخل وأنشد: [من البسيط]

أخلاقُ مجدِك جَلّتْ ما لها خَطَرٌ … في البَأسِ والجُود بين العِلمِ والخَبرِ

مُتَوَّجٌ بالمعالي فوق مَفْرِقه … وفي الوغى ضَيْغَمٌ في صورةِ القمرِ (٢)

فملأ فاه دُرًّا، فقاسمه الحاجبُ.

وكان يُضربُ للنَّابغة قُبَّةٌ من أَدَم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراءُ، فتعرِضُ عليه أشعارَها، فأنشده الأعشى، ثم حسَّان بن ثابت، ثم الخنساء، فمما أنشدَتْه أبياتها التي تقول فيها: [من البسيط]

وإنَّ صَخْرًا لَتَأتَمُّ الهُدَاةُ به … كأنَّه عَلَمٌ في رأسِه نارُ (٣)

فقال النابغة: واللهِ لولا أن أبا بصير أنشدَني آنِفًا، لقُلتُ إنكِ أشعرُ أهلِ زمانِك من الإنس والجِنِّ.

ومن شعر الخَنْساء في "الحماسة": [من السريع]

دَلَّ على مَعْرُوفِه وجهُه … بُورِك هذا هاديًا من دليلْ

تَحسبُه غَضبانَ من عِزِّهِ … ذلك منه خُلُقٌ ما يَحولْ

ويلُ امِّهِ مِسعَرَ حَرْبٍ إذا … أُلقيَ فيها وعليه الشَّلِيلْ (٤)


(١) في النسخ: قد مدت لهم قصب السبق، والمثبت من مروج الذهب ٣/ ٢٠٣ وما بين معكوفين منه، والبيت في ديوانه ص ٣٣.
(٢) ديوانه ص ٧٤، وانظر مروج الذهب ٣/ ٢٠٤.
(٣) ديوانها ص ٤٨.
(٤) شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٤/ ١٧٩٨، وديوانها ص ١١٥.