للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيُّها النائمُ عمَّنْ … عينُه ليسَ تنامْ

كلُّ نارٍ غيرِ ناري … فيكَ بردٌ وسلام

وقال: [من السريع]

يا مَنْ مواعيدُ رِضاهُ ظُنونْ … ما آنَ أن يخرجَ مما يخونْ

سألتَ عن حاليَ يا سيِّدي … كلُّ عدوٍ لكَ مثلي يكونْ

قلت (١): وقد ذكره قاضي القضاة شمس الدين بن خَلِّكان ، فقال (٢): الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج، الكاتب، الشاعر، المشهور، ذو الخلاعة والمُجون، والسُّخف في شعره، كان فردَ زمانه في فنِّه، لم يُسبَقْ إلى تلك الطريقة، مع عذوبةِ ألفاظه، وسلامةِ شِعره من التكلُّف، وديوانه يوجد في عشر مجلدات، والغالب عليه الهزل، وله أشياءُ جيدة، ووَلي حِسْبةَ بغداد، ويقال: إنه عُزِلَ بأبي سعيد الإصطخري الفقيه الشافعي (٣). ويُقال: إنه في فنِّه في درجة امرئ القيس؛ لأنَّ كُلًّا منهما مخترعٌ طريقةً، ومن جيِّد شعره: [من الكامل]

يا صاحِبيَّ استيقِظا مِنْ رَقدةٍ … تُزري على عقلِ اللَّبيبِ الأكيَسِ

هذي المجرَّةُ والنجومُ كأنَّها … نهرٌ تدفَّقَ في حديقةِ نَرجِس

ورأى الصَّبا قَد غَلَّسَتْ بنسِيمِها … فَعلامَ شُربي الرَّاحَ غيرَ مُغَلِّسِ

قوما اسقياني قهوةً روميَّةً … من عهدِ قيصرَ دَنُّها لم يُمسَسِ

صِرفًا تُضيفُ إذا تَسلَّطَ حُكْمُها … مَوتَ العقولِ إلى حياةِ الأنفُسِ

ومن شعره أيضًا: [من الخفيف]

قال قومٌ لَزِمتَ حضرةَ حَمْدٍ … وتجنَّبْتَ سائرَ الرُّؤساءِ

قلتُ ما قاله الذي أحرزَ المعـ … ـنى قديمًا قبلي من الشُّعراءِ

تسقُطُ الطيرُ حيثُ يُلتقط … الحبُّ وتُغشى منازلُ الكرماءِ

والبيت الثالث لبشار بن برد (٤).


(١) القائل هو المختصر وليس المصنِّف.
(٢) وفيات الأعيان ٢/ ١٦٨ - ١٧٠.
(٣) وهذا قول غير صحيح؛ لأن أبا سعيد توفي سنة (٣٢٨) هـ.
(٤) وهو في ديوانه ١/ ٥٠.