للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلطانَ الدولة وخزائنَه بها. فلم يقبَلْ، وكان محمود بن سُبُكْتِكين قد جهَّز مع أبي الفوارس عسكرًا كثيفًا مع بعض خواصِّه، فاستشعر منه، فقبضه، وانهزم أبو الفوارس إلى خراسان وقد فسد الحالُ بينه وبين محمود.

وفيها احترق مشهد الحسين ، وسببه أنَّ القُوَّام أوقدوا الشمع بالليل، وغفلوا عنه، فوقعت شمعةٌ في أصل التأزير (١) فأحرقَتْه، ودبَّتِ النار إلى القبة وغيرِها فأحرقت الجميع.

وفيها تشعَّث الركن اليماني من البيت الحرام، ووقع الحائط الذي بين يدي قبر النبي ، وانكشفتِ القبورُ، وطلَعَ كوكبُ الذؤابة، ووقعت القبة الكبيرة التي على صخرة بيت المقدس (٢).

و [فيها] تُوفِّي الأُصيفر الذي كان يمكُس الحاجَّ كلَّ سنة ويحقرهم.

وفيها ملك محمود بن سُبُكْتِكين خُوارَزم، وسببه أنها كانت لمأمون بن مأمون خُوارَزم شاه، وكان قد صاهر محمود على أخته، وبينهما مودة وصداقة، وكان لمأمون أخٌ يقال له: علي، وله صاحب يُعرف بخمارتاش، وكان عليٌّ يهواه، فلمَّا تُوفِّي عليٌّ انتقل إلى أخيه مأمون، فلم يجِدْ عنده ما كان يجِدُ من مولاه، فشقَّ عليه وراسله، وقال: قد أنزلتني عن منزلتي، والواجب إنْ لم تجِدني عليها أن ترُدَّني إليها. فأجابه جوابًا لم يَرْضَه، فأفسد عليه الغلمانُ الداريَّة، ودسَّ إلى التُّرك مَنْ أوحشَهم، فأقاموا ابنًا لعليِّ وأمَّروه، وألزموا مأمونًا تسليم الأمر إليه، وتقبيل الأرضِ بين يديه، ولم يقنع خمارتاش بهذا، حتى أمرَ الغِلمانَ فقتلوه، وعُرِّفَ محمود، وكان ببَلْخ، فسار إلى خُوارَزم ففتحها، وقتَلَ خمارتاش وقَتَلَةَ مأمودب وصلبَهم، ونقل عامَّةَ أهل البلد والجُند إلى بلاد الهند، ورتب أصحابه بدلًا منهم، وأخذ الأموال والخزائن، وعاد إلى بَلْخ.

وفيها خُلِعَ على الأوحدِ أبي محمد الحسن بن الفضل الرَّامَهُرمزي خِلَعَ الوزارة مِنْ قِبلِ سلطان الدولة، وهو الذي بنى سورَ الحائِرِ بمشهد الحسين ().


(١) التأزير: هو ما يُستر به أسفل جدار المسجد وغيره من خشب وغيره. تحرير ألفاظ التنبه ١/ ٣٢٧.
(٢) هذا الخبر والذي قبله في المنتظم ١٥/ ١٢٠، والكامل ٩/ ٢٩٥ بنحوهما.