للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنَيه دخلا الكوفة، وأن ابنَ هُبَيرة هرب إلى واسط، فقالوا: اخرُجْ، فتعرَّض لابني قحطبة، وعَرِّفهما مكانَنا، ومُرْهما أن يكبسا الدارَ علينا، فخرج العبدُ، وكان حُمَيد بن قحطبة يعرفُه، فتعرَّض له، فلما رآه أكبر رؤيتَه، وقال: ويحكَ! ما فعل ساداتُنا؟ أخبره بمكانهم، وأدَّى إليه الرسالةَ.

فركب في طائفة من الجيش، وهجم الدار وأبو سلمة غافل، وأراه العبدُ موضعَ السِّرداب، فدخل حُمَيد فقال: السلامُ عليكم أهلَ البيت ورحمةُ الله وبركاته، فردوا عليه، فقال: أيكم ابنُ الحارثية؟ وكانت أمُّ أبي لعباس [عبد الله بن] (١) محمد بن علي حارثيةً، وكان إبراهيمُ الإمام لما بثَّ الدعاةَ قال: الإمامُ بعدي ابنُ الحارثية الذي معه العلامة، والعلامة قولُه تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٥]، ولم يُسِرَّها براهيمُ إلا إلى أبي العباس، فلما قال ابنُ قحطبة: أيّكم ابنُ الحارثية؟ ابتدَرَ أبو لعباس وأبو جعفر كلُّ واحد يقول: أنا ابنُ الحارثية (٢)، فقال ابنُ قحطبة: فأيّكم معه العلامة؟ قال أبو جعفر: فعلمتُ أنّي قد أُخرجتُ من الخلافة؛ لأني لم كن معي علامة، فقرأ أبو العباس الآيةَ، فسلَّم عليه ابنُ قحطبة بالخلافة، ثم انتضى سيفه، وقال: بايعوا أميرَ المؤمنين، فبايعه أخوتُه وأهلُه الذين كانوا معه في السِّرداب، أخرجه في الحال إلى المسجد، وأصعَدَه المنبر، فحُصِر عن الكلام، فتكلم دونه داود بنُ علي، وقام دونه بمِرْقاة.

وجاء أبو سلمة وقد استوحَشَ، فدفع حُمَيد بن حطبة ي صدره وقال: أما زعمتَ أن الإمامَ لم يَقْدَمْ؟ فقال: إنما أردتُ أن أدفع ظهورَه حتى يهلك مروان، فقبل منه أبو العباس ذلك، وأجلسه إلى جانبه.

قال الصُّولي: قدم أبو العباس وأهلُه الكوفةَ على أبي سلمة، فسترهم، وعزم على أن جعلها شورى بين بني عليٍّ وبني العباس حتى يختاروا، ثم قال: أخاف أن لا يتَّفقوا، فعزم على أن يعدل بها إلى ولد فاطمة .


(١) في (د) و (خ): كانت أم أبي العباس حارثية، وأم محمد بن علي حارثية. وهو خطأ، والمثبت من الفرج بعد الشدة للتنوخي ٤/ ٢٧٣ - ٢٧٤.
(٢) سيرد في الباب الثاني أن أم أبي جعفر بربرية، وأن اسمها سلامة، وهو ما اتفقت عليه مصادر ترجمته.