للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشكو إليه ما لقيَ من شَمِر، ومرَّ رجل من أصحاب أبي عَمْرة، فرأى الكتابَ مع العِلْج، فقرأ عنوانَه، فقال: وأين صاحبُ هذا الكتاب؟ قال: في الكلتانية، وإذا بينهم وبينها ثلاثة فراسخ، فأقبلُوا يسيرون إليه.

قال مسلم بن عبد الله الضِّبابي: وكنتُ مع شَمِر في تلك الليلة، فقلت: لو ارتحلتَ بنا من هذا المكان، فإنَّا نتخوَّف. فقال: كلُّ هذا فَرَقًا مَن الكذَّاب! واللهِ لا أَتحوَّلُ منه ثلاثة أيام، ملأَ الله قلوبكم رعبًا.

قال: وكان في ذلك المكان دَبَىً كثير، فبينما أنا بين النائم واليقظان؛ إذ سمعتُ وَقْعَ حوافر الخيل، فقلت: هذا صوتُ الدَّبَى، ثم إنني سمعتُه أشدَّ من ذلك، فقمتُ وإذا بهم قد أشرفوا علينا من التلّ وكبَّروا، ثم أحاطوابنا، وخرجنا نشتدّ على أرجلنا، وتركنا خيلَنا.

قال: فآتي على شَمِر وإنَّه لمشتمل ببُرْد محقَّق خَلِق، وكان أبرص، وكأني أنظر إلى بياض كَشْحَيهِ من فوق البُرْد، وإنه ليُطاعنُهم بالرُّمح، قد أعجلوه أن يلبس سلاحَه وثيابه.

قال: فمضينا وتركناه، فما هو إلا أن مكثتُ ساعة إذ سمعتُ: اللهُ أكبر، قُتل الخبيثَ (١).

وقال الهيثم: ولما أحاطوا به قاتل (٢)، فأثخنوه، وذبحوه، وأوطأ أبو عَمْرَةَ الخيل على ظهره وبطنه.

وقال أبو اليقظان: خرج عليهم وبيده السيف وهو يقول: أنا قاتل الحسين بن علي، فحمل عليه عبد الرحمن بنُ عبد الله الهَمْداني، فطعنه، فأنفذه، ونزل فذبحه، وبعث برأسه إلى المختار، وألقى جُثَّته فأكلتها الكلاب (٣).


(١) تاريخ الطبري ٦/ ٥٢ - ٥٣، وتاريخ دمشق ٨/ ١٢٤.
(٢) في (م): بقي يقاتل.
(٣) ينظر "أنساب الأشراف" ٦/ ٦٥ - ٦٦.