للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكرُ واقعةٍ أخرى:

قال الحسنُ بن يحيى الفِهري: بينا نحن مع عبدِ الله بن طاهرٍ مما بين سَلَمْيةَ وحمصَ ونحن يزيد دمشق، إذ عارضنا البُطين الشَّاعر، فلما رأى عبدَ الله قال ينشد: [من الخفيف]

مرحبًا مرحبًا وأهلًا وسهلًا … بابن ذي الجُودِ طاهرِ بن الحسينِ

مرحبًا مرحبًا وأهلًا وسهلًا … بابن ذي الغُرَّتين في الدَّعوتين

مرحبًا مرحبًا بمَن كفُّه البحـ … ـرُ إذا فاض مُزبدَ الرَّجَوَين (١)

ما يبالي المأمونُ أيَّده … اللهُ إذا كنتما له باقيَين

أَنْتَ غربٌ وذاك شرقٌ مقيمًا … أيُّ فتقٍ أتى من الجانبَين

وحقيقٌ إذ كنتما في قديمٍ … لِزُريقٍ ومصعبٍ وحسين

أنْ تنالا ما نلتماه من المجـ … دِ وأَن تعلوَا على الثَّقلينِ

فأمر له عن كلِّ بيتٍ بألف دينار، وسار معه إلى مصرَ والإسكندرية، فبينا هو راكبٌ على فرسه بالإسكندرية، انخسف به مخرج، فوقع فيه فمات (٢).

وفيها فتح عبد الله بنُ طاهر الإسكندرية، وكان قد تغلَّب عليها رجلٌ من أهل الأندلسِ يقال له أبو حفص، وكان قد قصدها في مراكبَ كثيرة، وكانت الحربُ قائمةً بينه وبين ابنِ السري [وحكى القصَّةَ يونسُ بن عبدِ الأعلى: قال ولمَّا ملك ابنُ طاهرٍ مصر، سار إليها ونزل عليها، فعلموا أنَّه لا طاقةَ لهم به، فطلبوا منه الأمانَ على أن يرتحلوا من الإسكندرية وينزلوا بعضَ الجزائر، فأمَّنهم، فرحلوا عنها ونزلوا جزيرةً [من جزائر البحر يقال لها] (٣) أَقْرِيطِش، فاستوطنوها فيقال: إنَّ عَقِبهم بها إلى هلمَّ جرًّا.


(١) الرجوان: ناحيتا البئر وحافتاها، وكل ناحية رجا. مختار الصحاح (رجو).
(٢) تاريخ الطبري ٨/ ٦١٢ وفيه أنَّه أمر له عن كل بيت أَلْف درهم أو مئة دينار، والبطين شاعر حمصي، كان طوله اثني عشر شبرًا، وكان جيد الشعر، تنظر أخباره في طبقات الشعراء لابن المعتز ص ٢٤٨ - ٢١٥. ومن قوله: ذكر واقعة جرت … إلى هنا، لم ترد في (ب).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).