للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما قال لا قطُّ إلَّا في تشهُّده … لولا التشهُّد لم تسمعْ له لاء (١)

ودخلَ الحمَّامَ يومًا، فجاءَ على قلبه شيء من الوجد (٢) فقال: [من الطويل]

سَلَبْتِ عظامي لحمَها فتركتِها … عواريَ ممَّا نالها تتكسَّرُ

وأخليتِ منها مخَّها فكأنَّها … قواريرُ في أجوافها الريحُ تَصْفُرُ

خذي بيدي ثمَّ ارفعي الثوبَ تنظُري … ضنا جَسدي لكنَّني أتستَّرُ

ودخلَ الحمام يومًا خلفَه رجلٌ، وقد استلقَى على ظهره يتغنَّى، فقال له: أيُّها القاضي مسألة، فقال: ليس هذا موضعَ المسائل، فقال: إنَّما هي من مسائل الحمَّام، فضحك وقال: سل، فقال: أنت القائل: سَلَبْتِ عظامي لحمَها؟ فقال: نعم، قال: فإنَّه يُتَغَّنى بها، فقال: لو شهدَ الذي يُغنِّي بها عندي لأجزتُ شهادتَه (٣).

ودخل سوَّار يومًا على محمد بن عبد الله بن طاهر، فقال له: أيُّها الأمير، إني قد جئتُك في حاجةٍ رفعتُها إلى الله قبلَ أن أرفعَها إليك، فإنْ قضيتَها حمدنَا الله وشكرنَاك، وإن لم تقضهَا حمدنا الله وعذرنَاك، فقضى جميعَ حوائِجه (٤).

وقال محمَّد بن سلَّام: كان حمَّاد بن موسى صاحبَ أمر محمد بن سليمان والي البصرة والغالبَ عليه، فحَبسَ سوَّارُ رجلًا، فبعث حمَّاد من أخرجه من الحبس، فجاء خصمه إلى سوّار، فأخبره، فجاء سوّار فدخل على محمد بن سليمان وهو في مجلسه، والناس على مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثمَّ دعا قائدًا من قواد محمد، ثمَّ بآخر وآخر، فقال لهم: أسامعون أنتم مطيعون؟ قالوا: نعم، قال: انطلقوا إلى حمَّاد بن موسى، فضعوه في الحبس، أفنظروا إلى محمد بن سليمان، فأشارَ إليهم أن افعلوا ما أمرَكم به، فانطلقوا إلى حمَّاد فوضعوه في الحبس،] (٥) وانصرفَ سوَّار إلى منزله، فلمَّا


(١) في تاريخ بغداد ١٠/ ٢٩٢: أتسمع له لا لا.
(٢) في تاريخ بغداد ١٠/ ٢٩١: كان سوار قد خامر قلبه شيءٌ من الوجد فقال. اهـ. وليس فيه أنه قاله في الحمام.
(٣) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٩٢، والمنتظم ١١/ ٣٣٢.
(٤) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٩١.
(٥) ما بين حاصرتين من المنتظم ١١/ ٣٣٣. وانظر أخبار القضاة ٢/ ٦٩.