لابن مروان: لا طاقةَ لكَ بهذا الرجل، فاجعل المِنَّة لكَ عليه. فقبِلَ منه، وأعطاه نَصيبين، ومِنْ صَداقِ ابنتِه عشرةَ آلاف دينار، واصطلحا.
وفي جمادى الآخرة وردَ الخبرُ بأنَّ محمود بن سُبُكْتِكين نزل الريَّ، وقبض على مجدِ الدولة أبي طالب بن فخر الدولة وولدِه أبي دُلَف، وأَسَرَ [رؤساءَ] الدَّيلم ووجوهَهم، وورد كتابُ حسام الدولة ابن أبي الشوارب إلى حاجِبِ الحُجَّاب أبي المُظفَّر في هذا المعنى يقول فيه: كتابي هذا من ظاهر قَرْميسين يتضمَّن حصولَ صاحبِ خراسان بجرجان وولدِه مسعود بالريِّ، وقبضَه على مجد الدولة بن فخر الدولة، واستيلاءَه على البلاد، وأنهما سائران إلى بغداد، وهم في خمسين ألف فارس، ومعهم مئتا فيل، وأربعون ألف حمارة، عليها خزائن السلاح، وكان مجد الدولة قد أطلق النظر في أمور دولته، وكل ذلك إلى السيدة والدته، واشتغل هو بالنسخ والدفاتر، وصرفَ زمانَه كلَّه إلى ذلك وإلى النساء، حتَّى جعل لنفسه خيولًا من الجوار، وكانت السيدةُ والدتُه تُراعي الأمورَ، وتُباشر الحروبَ، ولها هيبةٌ قائمةٌ، وسطوةٌ مخوفةٌ، فتوفِّيت في السنة الماضية، فانحلَّ النِّظام، وطمع فيه الدَّيلم، وزادوا في الشغْب، وتمادَوا في الطلب، فضاق صدرُه بما يسمعه ويُلاقيه منهم، وكانت معه بقيةٌ من المال والجواهر الَّذي خلَّفه أبوه، وكان وزيرُه أبو العلاء بن كليل لا يُوصِلُ إلى الجند إلَّا ما يأخذه من المصادرات، مع تسلُّطِ الدَّيلم، ورفعِهم الحشمة، فدعَتْ فخرَ الدولة الضرورةُ إلى أنْ كاتبَ محمود بن سُبُكْتِكين يشكو ما هو فيه، ويبذلُ الطاعة، وإقامةَ الخُطبة، وأن يتولَّى تدبير أمورِه، فطمع محمود في أعمال الريِّ، وكان قد ورد نيسابور بسبب الأتراك، فإن طائفةً منهم أفسدوا في البلاد، وجاء إلى جُرجان فنزل بظاهرها، وانصرف منوجهر بن قابوس بن وَشْمكير من بين يديه خوفًا منه، وأقام له الضيافاتِ والهدايا، وحمل إليه ثلاث مئة ألف دينار، واعتذرَ عن حضوره، ووقف الأمر، وبعث محمودٌ إلى فخر الدولة رسالةً مع فقيهٍ يقول: أنت أيها الأمير بين جندٍ قد فارقوا طاعتَك، وخرقوا هيبتَك، وملكوا عليكَ أمرَك، وحالوا بينك وبين رأيِكَ، وهذا السلطان المُعظَّم يعتقد فيكَ الجميل، وناظِرٌ في حقِّك، وإذا رجعتَ إلى رأيه كنتَ واحدًا من أولادِه، وزوَّجَكَ إحدى بناتِه، وشملَكَ من ظِلِّه ما ينتظم به أمرُكَ، ويخافه