الأكبر وعدةٌ من الأكابر، واستخلصوا نظام الدين والأمير ابنابجيل ومن أُسِرَ بباب الري، وغنموا أموالهم وجميع ما كان معهم، وسار ألب أرسلان يطلب الري، وبعث إلى عميد الملك بالخِلَع، ورسم بأن ينقل طُغْرُلْبَك من الدار إلى التربة وينظف الدار لينزل بها، فكان عميد الملك ينزل في دهليز الدار في حجرة، فاستأذن في الانتقال منها، فقال ألب أرسلان: سروري قربُكَ، فكيف تبعُد عنا؟ ولم يأذن له في الانتقال، وأما قُتُلْمِش فإنه أفلتَ من الوقعة، وترك الطريق المسلوك، وتعسَّف الجبال والمضائق، ومرَّ على بعض قلاع السلطان، فأرسل صاحبُ القلعة وراءه، فساق فرسه، فسقط به وداسه، فتقيَّأ الدم ومات، فحُمِل إلى الري يوم الأحد ثالث عشر ذي الحجة، وخرج عميد الملك للقائه، فأكرمه وقرَّبه وأدناه، ونزل إليه ألب أرسلان في دار المملكة، ولازم عميد الملك خدمته طول النهار على عادته مع السلطان، وثقُلَ ذلك على نظام الملك أبي علي الوزير، وشرع عميد الملك في قبض جماعة من حواشي طُغْرُلْبَك وخدَمِه، فجمع منهم خمس مئة ألف دينار، وسببه أن ألب أرسلان عتب عليه فيما أخرجه من مال القلعة، وأطلقه للعساكر، فقال: ما أمكنني غيرُ ما فعلتُه، وأنا أردُّ بمقدار ما أخرجتُ. فصادر الأعيانَ والخُدَّام.
وفي يوم الخميس خامس المُحرَّم من هذه السنة عمل السلطان بالري سِماطًا عظيمًا في دار المملكة، ومَدَّ بين يديه السِّماط الذي كان لطُغْرُلْبَك ووزنه ألفا ألف مثقال، وجلس في مرتبة عظيمة، وخلع على جميع الأمراء والحُجَّاب، ولمَّا بلغ خبرُ عميد الملك واستقامةُ أحواله إلى بغداد سأل دُبيس في العميد أبي سعيد والإفراج عنه [فأفرج عنه](١) في المُحرَّم، فخلع عليه ابنُ جَهير جُبَّة ديباج وعمامةً بيضاء، وانصرف إلى داره، وكان يبدو منه تهدُّدٌ على ما عُومِل به.
وفي يوم السبت سابع عشر المُحرَّم قبض ألب أرسلان على عميدِ الملك آخر النهار، واستولى على أعماله وأمواله، وبعث به إلى مرو الرُّوذ فاعتقله بها، وخلع على وزيره نظام الملك أبي علي الحسن بن إسحاق الطوسي في هذا اليوم، وراسل السيدةَ بنت الخليفة بالإذن لها في المسير إلى بغداد، وقيل: إنَّ تعويقها كان من عميد الملك،