للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار السُّلْطان على أَيْلَة والحسا ووادي موسى، وكان فَرُّخْشاه بدمشق فبلغه أَنَّ الفرنج قد اجتمعوا عند الكَرَك لقَصْد السُّلْطان، فخرج من دمشق، فنزل طبرية وعكا [ودَبُّورية] (١)، فقصدوه، فالتقاهم فكسرهم، وقَتَلَ منهم ألوفًا، وأَسَرَ وساق عشرين ألفًا من الأنعام وغيرها، وفتح حِصْن جلدك، وهو على شقيفٍ مُشْرف على السواد، وقتل مَنْ فيه، وأسكنه المسلمين، وجعلهم طلائع، وساق إلى بُصْرى، فالتقى السُّلْطان عندها، فَسُرَّ به، ودخلا دمشق في صفر.

وكان مُظَفَّر الدين صاحب حَرَّان مقيمًا بحلب، وقد استشعر من عِزِّ الدِّين مسعود، فكاتب السُّلْطان وانتمى إليه، وخَرَجَ السُّلْطان من دمشق، ونزل حماة، وجاء مظفَّر الدين، واجتمع به، وسَهَّلَ عليه عبورَ الفُرات، وأَخْذَ الجزيرة، وأنَّه لا يتعرَّض لحلب؛ لئلا يشغله عن غيرها وأنها في يده، واستصوب رأيه، وعبر الفرات، ونزل على ألبيرة، وكاتَبَ ملوك الشرق بالوفود عليه، فمنْ جاء مُسْتسلمًا سُلِّمَتْ له بلاده على أن يساعده على الفرنج، فجاءه قُطْبُ الدين إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أُرْتُق صاحب مارِدِين، فالتقاه وسُرَّ به؛ لأَنَّه أَوَّلُ من جاءه، ثم وصل نورُ الدِّين محمد بن قرا رسلان بن أُرْتُق صاحب حِصْن كيفا، فدخل في طاعته على أن يساعده على تخليص آمِد، ثم سار السُّلْطان من ألبيرة بعد أن أخذها، وأقطعها لشهاب الدِّين محمد الأُرْتُقي، ونزل على الرُّها، وبها فخر الدِّين مسعود الزَّعْفراني، فضايقها مُدَّة، فعَجَزَ مسعود عن مقاومته، فسلَّمها إليه بالأمان، فسلَّمها إلى مظفر الدين مضافةً إلى ما كان بيده من حَرَّان وأعمالها، ثم سار إلى الرَّقَّة، وبها قطب الدين ينال بن حَسَّان صاحب منبج، فأَمَّنه، ثم استولى على الخابور ونَصِيبين، وولاها أبا الهيجاء السَّمين، وولى الخابور جمال الدِّين خُشترين، وله رسالة (٢) عز الدين صاحب الموصل، ولا التفتَ إليه، فسار إلى المَوْصل، فنازلها؛ نزل السُّلْطان على الباب العمادي، وأخوه تاج الملوك على باب الجسر، وتقيُّ الدين عمر من ناحية الشرق، وتولى مجاهد الدين قيماز حِفْظَ البلد، فأحسنَ القيام، وبعث عِزُّ الدين مسعود إلى الخليفة يطلب الشَّفاعة


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) كذا في (ح)، ويبدو أن فيها سقطًا، لم أهتد إليه.