للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم نَرَ مثله في الناس حيًّا … وليس له منَ الموتى عَديلُ

أفاطمُ إن جَزِعت فذاكَ عذرٌ … وإن لم تجزَعي فهو السبيلُ

فعُوذي بالعزاءِ فإنَّ فيه … ثواب الله والفضل الجزيلُ

وقُولي في أبيكِ ولا تملِّي … وهل يُجزي بفعلِ أبيك قيلُ

فقبرُ أبيك سيِّد كلِّ قبرٍ … وفيه سيِّد الناسِ الرسولُ

وقال ابن إسحاق: و] قال عمر بن الخطاب يبكي رسول الله ولم يحزن عليه فيما بلغني حزنه، فقال هذه الأبيات: [من الكامل]

ما زلتُ مُذْ وضع الفراشُ لجنبهِ … وثوَى مريضًا خائفًا أتوقَّعُ

حذرًا عليه أن يزولَ مكانُه … عنَّا فَنبقى بعده نَتفجَّعُ

نفسي فداؤكَ مَن لنا في أَمرنا … أَمن نُشاوره إذا نَتوجَّعُ

ليتَ السماءَ تفطَّرت أكنافُها … وتَناثَرت منها نجومٌ نُزَّعُ

لما رأيتُ الناسَ هدَّ جميعهم … صوتٌ ينادي بالنعي فيسمعُ

والناسُ حول نبيهم يدعونَه … يبكونَ أعينُهم تسيلُ وتدمعُ

فسمعتُ صوتًا قبل ذلك هدَّني … عباسُ ينعاه وصوت مفظعُ

وإذا تحل بنا الحوادثُ من لنا … بالوحي من ربٍّ عظيم يسمعُ

فليبكهِ أهلُ المدينة كلهم … والمسلمون بكلِّ أرضٍ يجزعوا (١)

وقال ابن إسحاق: قال حسان بن ثابت (٢): [من البسيط]

والله ما حملَت أُنثى ولا وضعَت … مثلَ الرسولِ نبي الأمةِ الهادي

ولا مَشى فوقَ ظهر الأرضِ من أحدٍ … أوفَى بذمةِ جارٍ أو بميعادِ

هو الذي كان نورًا يُستضاءُ بهِ … مباركَ الأمرِ ذا حَزمٍ وإرشادِ

مصدقًا للنبيين الأُلى صَدقوا … وأبذلَ الناس للمعروف في البادِ

اللطفُ والبرُّ كانا من خلائقه … والجودُ بالمال والإطعامُ للزادِ

[فلتبكه الدهر عيني كلما ذرفت … وما حدا بالمطايا خلفها حادي]


(١) ذكر منها البلاذري في أنساب الأشراف ٢/ ٢٠ أربعة أبيات، وانظر "سمط النجوم العوالي" ٢/ ٣١٨.
(٢) "السيرة" ٢/ ٦٧١، وطبقات ابن سعد ٢/ ٢٧٩.