حلَّتْ فارس لبُعد قاروت بك عنها، وكتب فضلويه إلى ألب أرسلان بالانتماء إليه، وخطب له، وطلب منه النجدة، وكان فضلويه مقيمًا بِنَسا، وكتب إلى هزارسب وهو بالأهواز يطلب منه النجدة؛ ليستعين بها على أخذ شيراز، فأنفذ إليه النجدة من الديلم والأتراك، فنهب أعمال شيراز، فأعلم قاروت بك بعد أخيه إلى بلاد الروم ومسير فضلويه إلى شيراز، فسار نحوه وواقعه على بابها، فانهزم فضلويه بعد أن قُتِلَ معظمُ أصحابه، وعاد مفلولًا، ودخل قاروت بك إلى شيراز منصورًا، ووردت الكُتب بعقد بغداد على أبي سعيد الفاسي مدة ثلاث سنين بخمس مئة ألف دينار، وعزل رئيس العراقَين عنها، فراسل الخليفة بالتنصُّل مما فعله في الإقطاعات ومع الوزير والحاشية، فخرج الجواب: لم تزل نعمة الله عندنا في كلِّ من مرق عن الطاعة، واطَّرح رسومَها، إن ردَّه الله إليها خاضعًا عابدًا، وسائلًا العفو لائذًا، فليسكن روعه وليطيب قلبه مما يدرك غايةً فيما يعود عليه بصلاحه شأنُه، ووصل سلطانه، وأمر رئيس العراقَين بردِّ ضياع الوزير وإقطاعه وإقطاع الحاشية وما أخذ منها، فردَّ الجميع.
وفي رابع ذي القعدة ورد تابوت موفق الخادم، فخرج الخليفة، فصلَّى عليه، وحزن عليه، وحُمِل إلى الرُّصافة، وعُمِلَ له العزاء ثلاثة أيام، فأُعطي الأميرُ عُدَّةُ الدين ما خلَّفه.
وفي ذي القعدة ورد الكامل أبو الفوارس والتميمي وأبو سعيد الفاسي من عند السلطان، فتقدَّم الخليفة بالدخول إلى منازلهم ليلًا؛ استيحاشًا لموفق الخادم وغمًّا عليه، وكان تألَّم لأجله؛ لأنه كان دَيِّنًا عفيفًا صالحًا ناصحًا، وأما أبو سعيد فرأى أن لا يُوحَش، فخرج الحجَّاب والخدم للقائه، فلمَّا وصل إلى باب النُّوبي نزل وقبَّل العتبة.
وفي سلخ ذي القعدة خلع الخليفةُ على الشريف أبي المعالم المعمر بن محمد بن عبيد الله العلوي في بيت النُّوبة العمامة والدرَّاعة المُذهَبتين، وردَّ إليه نقابةَ الطالبيين ورعايةَ الحاجِّ والمظالم، وقُرئ عهدُه، ولُقِّب بالطاهر ذي المناقب.
وفي هذا الوقت عاد السلطان من بلاد أرمينية، فلم يبلغه أهلُها على الوجه، وغلَّقوا دكاكينهم، ولم يُبايعوا الجند، فضاق عليهم الشيء، وشكوا إلى السلطان، وكانوا قد استطالوا وقتلوا عميد بن طُغْرُلْبَك على ما تقدَّم ذِكْرُه، فأمر السلطانُ العسكرَ بالنزول في