للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَفْلَتَ من شربةِ الطبيب كما … أفلتَ ظبيُ الصَّريمِ من قبرِهْ (١)

من قانصٍ يُنْفِدُ الفريص (٢) إذا … رُكبَ سهمُ الحتوفِ في وترِهْ

دافعَ عنك المليك صولته … صولة ليث يزيد في خُمُرِهْ

حتى أتانا وفيه داخِلةٌ … تُعرفُ في سمعِه وفي بصرِهْ

أزعرَ قد طارَ عن مفارِقِه … وحف أثيث النباتِ من شَعَرِهْ

وكان عيسى لما سار من بغداد إلى الكوفة خرج أبو جعفر في إثره، فأقامَ أيَّامًا بالحيرة يُجْرِي الخيلَ في الحلبة، وعاد عيسى مِرارًا، ورجع إلى بغداد.

وفي رواية أنَّ عيسى بن علي قال لأبي جعفر: إنما يمتنعُ عيسى بن موسى من البيعة للمهديّ؛ لأنَّه يتربَّصُ هذا الأمرَ لابنه موسى، فموسى هو الذي يمنعُه، فقال أبو جعفر لعيسى بن علي: فكلِّم أنت موسى بن عيسى فكلَّمه، فلم يجبه وامتنع، فتهدده، فخاف أن ينقل عيسى بن علي مجلسَه إلى المنصور فجاء إلى العباس فاستكتمَه ما يريد أن يقوله، فقال له: قل غير خائف، قال: قد علمتَ ما يلاقي هذا الشيخ أبي من الذل وصنوف الهوان، وقد رأيتُ أن أفدي أبي بنفسي، تقول لأمير المؤمنين إذا اجتمعنا تقول له: يا عيسى قد علمتُ سببَ ضنِّك بهذا الأمر عن المهدي؛ لعلوِّ سنِّك ودنوِّ أجلك، وإنما تَضنُّ به لأجلِ ابنك موسى، أفتراني أبقي ابنك بعدك، فيلي على ابني؟ كلا والله، ولآتين على نفس ابنك وأنت تنظر، فإن أجابَ فعسى يجيب من خوفه عليّ، فقال له العباس: يا ابنَ أخي، جزاك الله خيرًا، فلقد فديتَ أباك بنفسك.

ثمَّ أتى أبا جعفر فأخبره، فقال: جَزى الله موسى خيرًا، وسوف أفعلُ ما أشارَ به.

وجاء عيسى بن موسى فدخلَ على أبي جعفر، وعمومتُه وأهلُه عنده، فقال له: يا عيسى أعلم أنك إنَّما تريدُ هذا الأمر لابنك هذا المشؤوم عليك وعلى نفسه، فقال عيسى بن علي: البول البول، فقال أبو جعفر: ألا ندعو لك إناء فتبول فيه، فقال: في مجلس أمير المؤمنين، ذاك ما لا يكونُ أبدًا، وقام عيسى بن علي إلى أقرب البلاليع،


(١) كذا في (ب) و (خ). وفي أنساب الأشراف ٣/ ٢٨٨، وتاريخ الطبري ٨/ ١١، وأشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم من كتاب الأوراق ص ٣٠٩: قتره.
(٢) الفريص: أوداج العنق. القاموس (فرص). وتحرفت في أشعار أولاد الخلفاء ص ٣١٠ إلى: من قابض يقبض العريض.