للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرائض، فكنت أطلبُه في سوقه، فإن لم أجدهُ وجدتُه في بيته، إمَّا يصلِّي، وإمَّا يقرأُ القرآن، فإن لم أجدهُ في بيته وجدتُه في المسجد في زاوية كأنَّه سارقٌ يبكي، فإن لم أجده في المسجد وجدتُه في المقابر قاعدًا ينوح ويبكي على نفسه، فلمَّا مات عمرو أغلق أهل الكوفة حوانيتهم وخرجوا بجنازته إلى الجبَّان، وكان قد أوصى أن يصلِّي عليه أبو حيان التيميّ، فتقدَّم أبو حيَّان وكبَّر أربعًا، وسمعوا صائحًا يصيح: قد جاء المحسِن عمرو بن قيس، وإذا البرِّيَّةُ مملوءةٌ من طير أبيض لم يُر على خِلقتها وحسنها، وجعل الناس يتعجَّبون منها، فقال أبو حيان: من أيِّ شيءٍ تتعجبون؟ هذه ملائكةٌ جاءت فشهدت عَمرًا.

وقال الخطيب: لما مات عَمرو رأوا البرِّيَّةَ مملوءةً رجالًا عليهم ثيابٌ بيض، فلمَّا صُلِّيَ عليه ودفن لم يُرَ في الصحراء أحد، وبلغ ذلك أبا جعفر، فقال لابن شبرمة وابن أبي ليلى: ما مَنعكُما أن تذكُرا لي هذا الرجل؟ فقالا: قد كان يسألنا أن لا نذكُره لك (١).

وتوفي بالكوفة، وقيل: بالشام، وقيل: ببغداد، وقيل: بسجستان.

سمع عكرمة، وأبا إسحاق السبيعي، وعطاء، ومحمد بن المنكدر، وروى عنه سفيان الثوري وغيرُه، وكان صدوقًا ثقة سيدًا خائفًا ورعًا (٢).

* * *


(١) تاريخ بغداد ١٤/ ٦٢ - ٦٣.
(٢) انظر ترجمته في حلية الأولياء ٥/ ١٠٠، وتاريخ بغداد ١٤/ ٦٠، والمنتظم ٨/ ٩٨، وتهذيب الكمال ٢٢/ ٢٠٠، وسير أعلام النبلاء ٦/ ٢٥٠، وتهذيب التهذيب ٣/ ٢٩٩.