للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال جعفر بن وَرْقاء: حَجَجْتُ وعُدتُ، فتأخَّر عن تهنئتي القاضي أبو عمر وابنُه أبو الحسين، فكتبتُ إليهما: [من الوافر]

أأسْتَجْفي أبا عُمرٍ وأشكو … أو اسْتَجْفي فَتاهُ أبا الحسينِ

بأيِّ قضيَّةٍ وبأيِّ حُكمٍ … أَلَحَّا في قَطيعةِ واصِلَينِ

فما جاءا ولا بَعَثا بعُذْرٍ … ولا كانا لحَقِّي موجِبَين

وإن نُمْسِكْ ولا نَغتِبْ تمادى … جَفاؤهما لأَخْلَصِ مُخْلِصَينِ

وإنْ نَعتِبْ فحَقٌّ غيرَ أنَّا … نُجِلُّ عن العِتابِ القاضِيَينِ

فلمَّا وقف أبو عمر على الأبيات قال لابنه أبي الحسين: أَجِبْه، وكان أبو عمر على شُغل، فأجابه أبو الحسين: [من المنسرح]

تَجَنَّ واظْلِم فلستُ مُنْتَقِلًا … عن خالصِ الودِّ أيُّها الظَّالم

ظننتَ بي جَفْوةً عَتبْتَ لها … فخِلْتَ أني لحَبلكم صارِمْ

حَكَمتَ بالظَّنِّ والشُّكوك ولا … يحكُمُ بالظَّنّ والهوى حاكم

تركتَ حقَّ الوَداع مُطَّرِحًا … وجئتَ تَبغي زيارةَ القادِم

أمران لم يَذهبا على فَطِنٍ … وأنت بالحُكْم فيهما عالم

وكلُّ هذا مَقالُ ذي ثِقَةٍ … وقلبهُ من جَفائه سالم

ذكر وفاته:

قال المعافى بن زكريا: كنتُ أحضُرُ مجلسَ أبي الحسين بن أبي عمر يوم النَّظَر، فحضرتُ يومًا أنا وجماعةٌ من أهل العلم في المَوْضع الذي جَرَت العادةُ لجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج، فدخل أعرابيٌّ لعلَّ له حاجةً إليه، فجلس بقربنا، فجاء غُرابٌ فقعد على نَخْلةٍ في الدَّار وصاح ثم طار، فقال الأعرابي: هذا الغُرابُ يقول: إنَّ صاحبَ هذه الدَّار يموتُ بعد سبعة أيام، فصِحْنا عليه وزَبَزناه، فقام وانصرف، واحتَبَسَ خروج أبي الحسين، وإذا قد خرج إلينا الغلام وقال: القاضي يستدعيكم، فقُمنا ودخلنا إليه، فإذا هو مُتَغَيِّرُ اللون، مُنكَسِرُ البال، مُغْتَمٌّ، فقال: أحَدِّثُكم بشيءٍ قد شَغَل قلبي، رأيتُ البارِحَةَ في المنام شخصًا يقول: [من الطويل]