للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعطاني آخر، ثم صعَّد النظر فيَّ وقال: من هذا الذي لا أعرفه؛ ورمى إليّ كيسًا آخر، فأخذتُ أربعة أكياس، وخرجت فقلت لرجل: مَن هذا؟ فقال: عبيد الله بن أبي بَكْرة.

[وقال المدائني:] عطش عبيد الله يومًا، فاستسقى [ماءً]، فأخرجت له امرأة كُوزًا من ماء، فأعطاها ثلاثين ألفًا (١).

وقال أبو اليقظان: كان عبيد الله من أشْجعِ الناس وأجوَدِهم، أقْطَع عمر بنَ عُبيد الله بن مَعمر بالبصرة سبع مئة جَريب، فحلف عمر عُمُرَه لا يرى عبيد الله إلا أخذ بركابه، ولا يزوّج ولدًا حتى يكون عبيد الله هو الذي يُزوّجه، ولا يُولد له مولود فيُسميه غير عبيد الله (٢).

ولما ولّاه الحجاج سجستان قدم عليه عمر هذا، فأقام عنده شهرًا، فلم يُعطه شيئًا، واشتغل عنه، فطلب عمر الرجوع إلى أهله، فاعتذر إليه عبيد الله وقال: انظروا في بيت المال، فنظروا فيه فإذا فيه ألف ألف وسبع مئة ألف، فدفعها إليه (٣).

قال المدائني (٤): مرض رجل بتَشَنُّج العَصَب، فوَصَف له الأطباء لبن الجاموس والقعود فيه، فقال: ومَن لي بذلك؟ قيل: فعليك بعبيد الله فله جَواميس، فحُمِل على سرير، وألقي على باب عبيد الله، فأطلق له ثمان مئة جاموسة بأولادها.

وكان عبد الملك بن مروان إذا ذكره قال: ذاك الأسود الأَدغَم، سيّد أهل المشرق، وكان عبيد الله أسمر اللون جدًّا (٥).

وقال المدائني: كان عبيد الله جالسًا في أصحابه، فأُهدي إليه وَصيف ووَصيفة، فقال لبعض جلسائه: خُذهما لك، ثم فكَّر وقال: إيثار بعض الجلساء على بعض قبيح، ثم قال: يا غلام، ادفع لكلّ واحدٍ من جُلسائي وَصيفًا ووَصيفة، قال: فأحصيَ ما دَفع إليهم فكان ثمانين وصيفًا ووصيفة.


(١) "أنساب الأشراف" ١/ ٥٩١، و"تاريخ دمشق" ٤٤/ ٤٤٥ - ٤٤٦.
(٢) "المعارف" ٢٨٩. والجَرِيب: المزرعة.
(٣) "أنساب الأشراف" ١/ ٥٩٠.
(٤) في (ص): وحكى المدائني قال … والخبر في "أنساب الأشراف" ١/ ٥٩١، و "تاريخ دمشق" ٤٤/ ٤٤٢ - ٤٤٣.
(٥) "المعارف" ٢٨٩، وفسَّر الأدغم بأنه: الدابة الدّيزج. اهـ. وفي صحاح الجوهري (دغم ٥/ ١٩٢٠): الأدغم من الخيل: الذي لون وجهه وما يلي جحافله يضرب إلى السواد مخالفًا للون سائر جسده، وهو الذي تسميه الأعاجم: دِيْزَج. وجاء في (ص) زيادة: والأدعم بعين مهملة: السيد.