للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على باب الجابيةِ، ونزل فقتل البَوَّابين وكسر أغلاق الباب وفتحه، ودخل المسلمون، ووقع الصوت وكبَّروا وفتحوا الباب الصغير، والباب الشرقي، ودخل الناس فصاحوا: الأمان الأمان، والتقى المسلمون في وسط البلد، وقيل: إن الروم فتحوا الباب الصغير والباب الشرقي على الأمان، ودخل خالد من بابِ الجابيةِ عَنوةً، فالتقاه الْأُمراءُ في وسط البلد وهذا أصحُّ.

وقال سيف: رابط المسلمون دمشق ستة أشهر (١)، وكان أبو عبيدة استخلف على اليرموك بشيرَ بن كعبٍ، وكانت الرومُ قد اجتمعت بفِحْلٍ، فلم يدر أبو عبيدة بأيِّهما يبدأ بدمشق أم بفِحْل، فكتب إلى عمر يستشيرُه، فضم خالد بن الوليد إلى أبي عبيدة، وأمر عمرو بن العاص بأن يكون مددًا لأهل فلسطين، وكتب: أن ابدؤوا بدمشق فإنَّها حصنُ الشام وبيت مملكتهم، واشغلوا عنكم أهلَ فِحْلٍ بخَيلٍ تكون بإزائهم، فنازلوا دمشق نحوًا من سبعين ليلة وهرقل يومئذٍ بحمص، فحالت بين دمشقَ وبينه خيولُ المسلمين وفُتحت دمشق على الوجه الذي ذكرنا.

وقد حكينا عن ابن إسحاق أن وقعةَ فِحْلٍ كانت قبل فتح دمشقَ، وهو الأصحُّ.

وجرى الصلحُ بين أبي عبيدة وأهل دمشق على مُقاسمةِ الدينار والدرهم والعقار، وعلى كل رأسٍ دينار.

واختلفوا في أي سنةٍ فُتحت دمشق؟ فقال سيف: في هذه السنة، وهي سنة ثلاث عشرة، وقال ابن إسحاق والواقدي: في سنة أربع عشرة (٢).

وأصيبت قدمُ أبي الزهراء القُشيري بدمشق، وقيل قدم أخيه، فلما هاجا بنو قُشَير بني جَعْدة فخروا عليهم بذلك، وعدوه من المآثر، فقال نابغة بني جَعْدة: [من البسيط]

فإن تكن قَدمٌ بالشام نادِرَةً … فإن بالشام أقدامًا وأوصالًا


(١) في تاريخ الطبري ٣/ ٤٤١ أن هذا قول الواقدي.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٣/ ٤٣٤ - ٤٤٢، وفتوح البلدان ١٢٧، والمنتظم ٤/ ١٤٢ - ١٤٦، وتاريخ دمشق ١/ ٢٤٠ فما بعدها.