للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وإنما غَلب عليهم الطرب لفساد أدمغتهم وضعفها، ولهم من الكواكب زحل.

وكان طاووس اليماني لا يأكل ذبيحة الزِّنجي ويقول: هو عبد مشوَّه الخلق.

قلت: وهذا محمول على أنه كان مجوسيًّا، أمَّا إذا كان مسلمًا فإنَّه لا يضرّه سواده.

وقال الهيثم بن عدي: تفرَّق بنو حام في الأرض، فصار ولد كوش بن كنعان بن حام إلى المغرب، فقطعوا نيل مصر، ثم افترقوا يمنة ويسرة، وهم أنواع كثيرة: النوبة والبُجاة والزَّغاوة والكانم ومركة وغانة وكوكو والدمادم والأحابيش والبربر والزيلع (١).

وفي أرضهم الزرافة، قال قوم: نتجت بين الجمل والنمر، وقال قوم: بل هي نوع من الحيوان قائم بذاته، واحتجوا بأنها توجد في أرض لا جمل بها، وذكر الجوهري ما يدلُّ على أنها مولَّدة فقال: الزّرافة -بالفتح والضمّ مخففة الفاء- دابة، يقال لها بالفارسيّة: "اشتُرُكاو يَلَنْك" (٢) وأشتر: هو الجمل.

وذكر الشرقي بن قطامي: أن ملك الزنج يركب في ثلاث مئة ألف فارس، وكذا ملك النُّوبة، وليس عندهم ثلج ولا برد، قال: وفيهم ناس يأكل بعضهم بعضًا، ومساكنهم في أعلى الخليج الذي يتشعَّب من نيل مصر قريبًا من البحر الحبشي إلى بلد الواقواق وسُفالة، ومقدار مسافة بلادهم سبع مئة فرسخ طولًا وعرضًا، وعندهم الفيلة، كثيرة إلا أنَّ الزنج لا يستعملونها في الحرب ولا في غيرها، ويقتلونها ليأخذوا أنيابها، ومقدار كل ناب فيل خمسون ومئة منٍّ، ويعمِّر الفيل بأرض الزنج أربع مئة سنة، ويحملها التجار إلى عُمان والبحرين.

قال: وفي بلادهم الحيوان المعروف بالزبرق أصغر من الفهد، وهو أحمر، له زغب وعينان برّاقتان، يثب خمسين ذراعًا، ويبول على الفيلة وبني آدم فيحرقهم، وإذا رآه آدمي هرب منه فصعد شجرة فيثب حتَّى يصير عنده، وإن لم يصل إليه وضع رأسه في الأرض وصاح صياحًا عجيبًا، فيخرج من فِيه قطعة دم ويموت من ساعته، وإن وصل بوله إلى شجرة أحرقها. وهذا الحيوان مشهور عند الزنج والهند، وهو في مشارق الهند أكثر من الزنج.


(١) في (ل) و (ب): والزغاوة والعافور ومترك وعانة وكركر والدمادم والأحباش والبربر والزيلع. والمثبت من (ط).
(٢) "الصحاح": (زرف)، وانظر "المعجم الذهبي" ص ٦٩ وص ١٦١.