للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شعر عبد الله: [من مجزوء الكامل]

الظلمُ يصرع أهلَهُ … والظلم مرتعُه وخيمُ

ولقد يكون لك البعيـ … ـــدُ أخًا ويقطعُك الحميمُ

وقال أيضًا: [من البسيط]

بني أمية قد أفنيتُ آخرَكم … فكيف لي منكم بالأوَّلِ الماضي

يطيِّب النفسَ أنَّ النار تجمعُكم … عُوِّضتم من لظاها شرُّ مُعتاضِ

منيتُمُ لا أقال الله عثرتكم … بليثِ غابٍ إلى الأعداءِ نهَّاضِ

إن [كان] غيظي لفوتٍ منكم فلقد … رضيتُ منكم بما ربِّي به راضي (١)

ذكر وفاته:

حجَّ أبو جعفر في سنة سبع وأربعين ومئة بعد أن عقدَ البيعة لابنه محمد وبعده لعيسى بن موسى، فلما عزم على الحجّ دعا عيسى بن موسى سرًّا وقال له: إنَّ عبد الله بن عليّ أرادَ أن يُزيل النعمةَ عنِّي وعنك، وأنتَ وليُّ عهدي بعد ابني، والأمرُ صائر إليك، فخذ عبدَ الله بن عليّ فاضرب عنقَه، وإيَّاك أن تَخُورَ أو تضعف، فينتقضَ على ما دبرتُ لك. ثمَّ مضى أبو جعفر إلى الحج، وكتبَ إليه من الطريق يقول: يا عيسى، ما فعلتَ في الأمر الذي أُوعِزُ إليك فيه؟ فكتبَ إليه قد أنفذتُ ما أمرتَ به، فلم يشك أبو جعفر أنَّه قتلَه، وكان عيسى قد سترَ عبد الله بن عليّ، واستشار كاتبه يونس بن فروة (٢) وابن شبرمة وابن أبي ليلى، فقال: إنَّ هذا الرجل قد دفعَ إليَّ عمَّه سرًّا، وأمرني بقتلِه، فماذا ترون؟ قال يونس: إنه أراد أن يقتلَه ثم يقتلك بعده، قال فما ترى؟ قال: استره في منزلك بحيث لا يراه أحد، فإن طلبه منك، فادفعه علانيةً، ولا تدفعه سرًّا، وأمَّا ابن أبي ليلى فقال: امض لما أمرك به، وأمَّا ابنُ شبرمة فإنَّه قال: لا تقتله فيقتلَك ويستريحَ منكما جميعًا.

فلمَّا قدم أبو جعفر من الحج دسَّ إلى عمومته من يحرِّكُهم على مسألته في عبد الله، فجاؤوا إليه واستعطفوه وسألوه الرحم، فأجابَهم ودعا بعيسى، فقال: يا عيسى، إنِّي


(١) انظر الأبيات في أشعار أولاد الخلفاء ص ٢٩٨، وتاريخ دمشق ٣٦/ ٦٤٧. وما بين حاصرتين منهما.
(٢) في (ب) و (خ) بن أبي فروة. والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٨، وتاريخ دمشق ٣٦/ ٦٥٦.