للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنتُ لمَّا خرجتُ إلى الحج دفعتُ إليك عبد الله يكون في منزلك، وقد كلَّمني فيه عمومتي، وقد أجبتُهم إلى سؤالهم فيه، فسلِّمه إليهم، فقال: ألم تأمرني بقتله؟! وقد امتثلتُ أمرك، فقال: ما أمرتُك إلَّا بحبسِه، قال: هذا كتابُك من الحج، فقال: كذبت، فقال: والله ما كذبت، وما الكذبُ من شيمتي، ولقد قلتَ لي كذا وكذا في ليلة كذا وكذا، فقال أبو جعفر لعمومته: إنَّ هذا قد أقرَّ بقتل أخيكم، وادَّعى أنَّني أمرتُه، وما أمرته، فخذوه واقتلوه، فقاموا إليه وخرجوا به إلى ظاهر القصر ليقتلوه، فلمَّا رأىَ أنَّه مقتولٌ، قال: ردُّوني إلى أبي جعفر، فردُّوه فقال: إنَّما أردتَ أنْ أقتلَه ثم تقتلني، وقد انعكس عليك الأمرُ، هذا عمُّك حيٌّ، فتسلَّمه، فأخذهُ أبو جعفر فحبسَه عنده في قصره، فوقع عليه البيتُ الذي كان فيه فمات.

وقيل: بنى له دارًا وجعل في أساسِها الملح، وأطلقَ الماء في الليل على الأساسات، فذابَ الملحُ، فوقعت الحيطانُ عليه فمات.

وقيل: دفعَه إلى أبي الأزهر المهلّب بن عيسى (١) وقال: اقتله، فدخلَ عليه وهو نائمٌ فخنقَه، وكان إلى جانبه جاريةٌ، قال أبو الأزهر: فأردتُ خنقَها، فقالت: بالله يا أبا الأزهر قتلةٌ غير هذه، فما رحمتُ أحدًا غيرها، فأدرتُ وجهي عنها، وأمرت من خنقَها، ووضعتها إلى جانبه في الفراش، ووضعت يديه تحتها كأنَّهما متعانقين، ثم هدمتُ البيت عليهما، ثم دعوت القاضي ابن عُلاثة والشهود، وقلت: سقطَ البيتُ عليهما، فشاهدوهما، ثم دفنتُهما.

ومات عبد الله وله خمسٌ وأربعون سنة.

وسأل أبو جعفر بن عياش المنتوف، هل تعرف ثلاثةً أوائلُ أسمائهم عين، قَتلوا ثلاثةً أوائل أسمائهم عين؟ قال: نعم، عبد الرحمن بن ملجم قتل عليًّا ، وعبد الملك بن مروان قتل عبد الله بن الزبير وسقطَ البيتُ على عمِّك عبد الله بن عليّ، فقال أبو جعفر: فسقطَ عليه البيتُ، فما ذنبي؟ قال: ما قلت إنَّ لك ذنبًا.

وقيل: إنَّ الواقعةَ كانت مع أبي دلامة قال: وأنت أوَّل اسمك عين، قتلتَ عبد الله


(١) كذا في (ب) و (خ). وفي أنساب الأشراف: المهلب بن العبيثر، وهو الصواب.