للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرُها (١)، فلم يرَ المأمونُ أن يعرضَ لأحد، ولم يأمنْ أن يكونوا قدَّموا قومًا بُرَآء، فجلس في المسجد وأَحضر الصناديق، وجمع النَّاسَ وقال: أنا أَعلمُ أنَّ فيكم البريءَ والسقيم، وأسماؤهم (٢) في هذه الصناديق، وإن نظرتُ فيها لم أصفُ (٣) لهم ولم يصفُوا لي، فمَن كان له فيها اسمٌ فلْيستغفر الله وليتب إليه، والماضي فقد فات، ثم أمر بإحراق الصناديق.

وفيها ظفر المأمونُ بإبراهيمَ بن المهديّ [وقد اختلفت الروايات، فروينا أن المأمونَ لمَّا قرب من بغدادَ اختفى ابنُ المهدي، و] (٤) لمَّا دخل المأمونُ بغداد جدَّ في طلبه، وكان إبراهيمُ ينتقل [من مَحلَّة إلى محلَّة، و] من مكانٍ إلى مكان، فلما كانت ليلةُ الأحدِ لثلاث عشرةَ من ربيعٍ الآخر [من هذه السَّنة] خرج وهو متنقِّبٌ مع امرأتين في زِيِّ امرأة، فرآهنَ حارسٌ أسود، فأنكرهن وقال: أين تُرِدنَ في هذا الوقت؟! فأعطاه إبراهيمُ خاتمًا من ياقوت [كان في يده] له قَدْرٌ عظيم، فاستراب منهنَّ وقال: هذا خاتمُ [رجل] (٥) له شأن، فرفعهنَّ إلى صاحب المسلحة [فأمرهنَّ أن يُسفِرن، فتمنَّع إبراهيم، فجبذه صاحبُ المسلحة] فبدت لحيةُ إبراهيم، فرفعه إلى صاحب الجسر [فعرفه] فذهب به إلى المأمون، فأمر أن يُحبسَ في الدار.

فلمَّا كان صبيحةُ يومِ الأحد، جلس المأمونُ وأَحضر بني هاشمٍ والقوادَ والجندَ والخلائق، فصيَّروا المِقنعةَ التي كان متنقِّبًا بها في عُنقه، والملحفةَ التي كان ملتحفًا بها في صدره؛ ليرى النَّاسُ كيف أُخذ.

فلما كان يومُ الخميس، حوَّله المأمونُ إلى منزل أحمدَ بن أبي خالد، فحبسه عنده ثم أخرجه المأمونُ معه لمَّا خرج إلى الحسن بنِ سهلٍ (٦) بواسط، فـ[قال النَّاس: إنَّ الحسن] كلَّمه فيه، فرضي عنه وخلَّى سبيلَه، وصيَّره عند أحمدَ بن أبي خالد،


(١) في المنتظم ١٠/ ٢١١: كتب القواد وغيرهم إليه.
(٢) في (خ): وأسمائه، وفي المنتظم: أن فيكم البريء الذي لا اسم له في الصناديق، ومنكم الغائب والمستزيد.
(٣) في (خ): وما لم أصف. والمثبت من المنتظم.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).
(٥) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ٦٠٣، والمنتظم ١٠/ ٢١٢، والكامل ٦/ ٣٩٢.
(٦) في (خ): الحسن بن عليّ. وهو خطأ.