وفيها تغيرت نية نظام الملك على الخليفة فأقطع بعض ضياعه للغُزِّ، وكان الأعداء قد سعوا بينه وبين الوزير ابن جَهير، فلمَّا اجتمع ولدُه عميدُ الدولة بنظام الملك اعتذر إليه مما نقل عن أبيه، وحلف له فصدَّقه، وصلح الحال، وأعطى الخليفة للغُزِّ مالًا أرضاهم به، ولم يتعرَّضوا لضياعه، وتوفِّيت خاتون الشقيرية بأصفهان، وكانت زوجة ألب أرسلان، وخلَّفَت أموالًا لا تُحصى.
وفيها في صفر هرب سلطان شاه إسحاق بن قاروت بك وأخذ أَخَويهِ المسمولين من هَمَذان، ومَضَيا إلى كرمان وقد سَلِمَ عليهما قطعةٌ صالحةٌ من نَظَرَيهِما، وكان السلطان قد سار إلى خراسان بعد موت أخيه إلياس ليرتب أمورها، وكانت قد خلصت له، وكان سلطان شاه قد التمس جاريةً تتولَّى خدمته، وأخرى لأخيه الَّذي تنضَّر معه، واستأذن السلطانَ في ذلك، فأذن له، وسُلِّمت الجاريتان إليهما، فتركاهما في الحجرة التي كانا فيها، وقصدا أن يخلو المكان ولا يدخل عليهما أحد من الموكلين إلا بإذن؛ احتشامًا للجاريتين، وأخذا في التدبير مع بعض الموكَلين للهرب، فأجابوا، وبعث إلى كرمان يستدعي خيلًا وثيابًا، وجاءته الخيل، وكمن في خراب البلد، وجاء إليه الموكَلون به، وأعلموه بوصول الخيل في مكان عيَّنوه، فكتَّف الجاريتين، وجعلهما في بيت مظلم، وأغلق عليهما الباب، وفتح الموكلون سقفًا من البيت، واستاقوه وأخاه ونزلا وركبا الخيل، ولم يظهر خبرهما حتَّى تعالى النهار، ولم يتبَعْهما أحدٌ، ومضيا إلى كرمان، فحصلا في قلعة لأبيهما، وسُرَّ الناسُ بهما.
وفيها وردت كتب أتْسِز التركماني [مقدَّم الناوكية بفتوح البيت المقدس سنة خمس وستين وإقامة الخطبة العباسية، وأن أتْسِز أحسن إليهم وببلد المصرية ولم يقاتلهم وقال: حرم الله، لا أقاتله، وإنما أريد إقامة الدعوة الإمامية العباسية والسلطانية. فأجابوه، وكانت الغرارة عندهم قد بلغت سبعين دينارًا، وكان به نائب المصري وكان تركيًّا، فراسل أتْسِز التركماني](١) وقال: أنا منكم، وما أقمتُ على الامتناع إلا وفاءً لمن كُنْتُ خادمًا له وعبدًا، وقد فعلمتُ ما يجب عليَّ، فإن أمَّنتني على نفسي ومالي