سلَّمتُ إليكَ البلد، ونزلتُ إليكَ، وأقمتُ معك. فأمَّنه، وحلف له، وأقطعه ضياعًا اقترحها، وفتح الباب ودخل، ونودي في البلد بالأمان، وكانت فيه أموالٌ عظيمةٌ فلم يتعرَّض لها، وأقام من يحفظ الناس، فجاءهم ما لم يكونوا يظنُّونه، وأقام الدعوة للقائم والسلطان، وفتح الحصون المتعلقة به.
وفي جمادى الأولى ورد الخبر بحصول سلطان شاه بن قاروت بك وأخيه بكرمان بردشير حصن أبيه وأقام مقام أبيه، واجتمعت الكلمة عليه، وشغَب الجند على نظام الملك، وطالبوه بالأموال، حتَّى فرغت الخزائن.
وفي جمادى الأولى قَدِمَ الحاجب أتكين السليماني إلى بغداد، وقد طاب قلبُ الخليفة عليه، فأمره بالخروج إلى الفورح ليصلحه.
ذكر زيادة الماء في دجلة:
في جمادى الأولى زادت دجلةُ زيادة عظيمة لم يُعهَد مثلُها، وأمر الخليفة العوام بالخروج مع الحاجب أيتكين إلى عمل الفورح، فخرجوا وإذا بالماء قد أقبل مثل الجبال، فرجع أيتكين والناس، وجمع الزواريق، وجعل رحله فيها ورحل أصحابه، وأراد العبور إلى الجانب الغربي ليهرب، فجاءت في الليل ريحٌ شديدةٌ وسيلٌ عظيم، وطفح الماء في البرية على الحريم، وأخرب أسوار المحال، ونبع الماء من أسفل، وجاء من فوق، وقلع الطوابيق من دار الخليفة ودور الناس، ونبعت الآبار والبلاليع، ووقع بعض الدور على بعض، فصارت تلالًا عالية، وآثارًا عافية، وصبَّح الماء دار الخليفة ففعل بها مثل ذلك، وأهلك من الأموال تحت الهدم والسكان الكثير، وهرب الناس إلى [الجانب الغربي و] التلال العالية، وافتضح الناس (١).
وكانت قبائل العرب نازلة بين الزَّابَين فغشيهم الماء من الزاب الأعلى، فاجتمعت الجمال، وعجَّت واشتبكت حتَّى صارت كالجبل، وتلقَّت الماء بصدورها، وصَعِدَ عليها مَنْ لَحِق من الرجال والنساء، وهربت العرب على خيولها في البرية يطلبون