للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحملها العطشُ على قصْدِها والشُّرْب منها، فزحفَتْ فوقعَتْ عندها لضعفها وغاصَتْ فيها، فذكرتْ أنها رأتْ رجلين وامرأَتين جلوسًا عندها، وأخرجوا لها قُرصين عليهما ورقةً خضراءُ قد غطَّتهما، وجاؤوها بكُرازٍ (١) فيه ماء وقالوا لها: كُلي من الخبز واشربي من هذا الماء. قالت: فشرعتُ آكُلُ، وكلَّما أكلتُ عاد القُرص كما كان إلى أن شبعت، وشربتُ من الكُراز ما لم أشرب مثلَه قَطُّ ولا ألَذُّ، فقلت: من أنتم يا سادتي؟ فقال أحدهم: أنا الحسن، وهذا الحسين، وهذه خديجة، وهذه فاطمة، ثم أمَرَّ الحسنُ يدَهُ على صدري ووجهي، والحسينُ على ظهري، فعادت شفتاي وأنفي، ونبتَتْ أصابعي، وعاد كلُّ عضوٍ قد زال مني، وأقاموني، فسقط مني نحو زَنْبيلين (٢) كهيئة صدف السمك، وهرع الناسُ لمشاهدتها من البلاد والتبرُّكِ بها (٣).

وفي يوم الأحد النصف منه وصل خطلج والحاجُّ إلى الكوفة سالمين.

وورد الخبرُ بأن مسلم بن قريش فتح بلد حران وسروج، ووصل إليه أُرْتُق بك في جمعٍ من التركمان نجدةً لتُتُش ومعه والدة تُتُش، وطلب العبور إلى تُتُش، فمنعه مسلم وقال: إن أردت تعبر جريدة، وإلَّا فأخاف عليك من العرب. فاستقر الأمر على عبور أم تُتُش وخدمُها.

وفي ربيع الآخر ورد كتاب مسلم إلى بغداد يخبر أن صاحب الرُّها [أطاعه، ونقش اسمَه على السِّكَّة، وكان قد اتَّخذ جامع الرُّها] (٤) حانةً يشرب فيه الخمر مع امرأته، فخرج منه وسلَّمه إلى المسلمين، فأقاموا فيه الجماعة، وبعث مسلم توقيعًا إلى حربى بخمس مئة دينار يعمل بها منبرًا، وكانت إقطاعه، فردَّ الخليفة عليه توقيعَه، وأمر بعمل المنبر من الديوان.

وفي سلخه وصل ملك شاه إلى أصفهان عائدًا من تِرْمِذ وحربِ أخيه شهاب الدولة تكش، وكان قد خلع الطاعة، وتحصَّن بقلعةٍ من قلاع تِرْمِذ، وسار ملك شاه ورآه بعد


(١) الكُراز: القارورة. المعجم الوسيط (كرز).
(٢) الزَّنبيل: السلَّة. المعجم الذهبي ص ٣١٦.
(٣) الخبر في المنتظم ١٦/ ٢١٧ - ٢١٨.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب)، وقد سقط من (خ).