أن جرَتْ بين العسكرين مناوشةٌ عند بَلْخ ظهر فيها أصحاب السلطان، ثم عبروا، وكان أصحابُ تكش قد حصَّنوا أموالهم ومواشيهم في جبال لا سبيلَ إليها، فسار عسكر السلطان إليها، فظفروا بها وأخذوها، فانزعج أصحاب تكش وقالوا له: قد أخذتَ أموالنا، فإمَّا صالحتَ لتعود إلينا، وإلَّا خرجنا إلى السلطان وخدمناه، فراسل السلطان فقال: يخرجُ من تِرْمِذ ويُسلِّمها ويعود إلى ما كان له أولًا من بَلْخ وأعمالها ويطأ البساط. فقال: أُسَلِّم تِرْمِذ نَعَمْ بَلى، أطأُ بساطَهُ لا. فسلَّم تِرْمِذ، ورجع إلى أصفهان ولم يجتمعا، وكتب إلى الخليفة بشرح الحال.
وفي ليلة الأربعاء سادس جمادى الأولى تُوفِّي أيتكين السليماني بعُكْبَرا.
وفي ليلة الجمعة بعد العشاء وثب خادم مسلم بن قريش - وكان حظيًّا عنده في الحمَّام - عليه فخنقه بوترٍ وصاح، فسمعَتْ خاتون الصيحة، فجاءت إليه، فرأت باب الحمَّام مغلقًا، فكسرَتْه ودخلت والخادمُ خارجٌ من عنده، فبدأها وقال: الأمير في كلِّ وقت يسومني للقبيح، وأنا أمتنع عليه، وقد ضربني الساعة، وأنا هاربٌ منه. وخرج فركب فرسًا وهرب، فدخلت خاتون فرأته ميتًا قد خرج الدم من أنفه، فأخرجَتْه فتنفَّس وهو في أدنى رمق، ثم دبَّ الدمُ فيه قليلًا قليلًا، ثم أفاق، فأمر بطلب الخادم، وبَثَّ الخيل فوجده في منارة مشهد على جبل سنجار، فأخذ وهو يقول: ويلَكُم إلى من تحملوني؟! واللهِ ما خرجتُ من الحمَّام وقد تركتُ فيه روحًا.
وحملوه إليه، فاستخلاه ومنَّاه، وحلف له، فأقرَّ على جماعة من عشيرته أنهم حملوه على ذلك، فقتله، واستوحش من حواشيه، واحتجب عن أكثر خواصيه ومؤانسيه، وقبض على جماعة من أهله، وبعثهم إلى القلاع، ثم عاش مسلم بعد هذا إلى أن قُتِلَ في حرب قُتُلْمِش سنة سبع وسبعين وأربع مئة. وقيل: إنما وثب عليه خادمان، وكان بمكان يقال له: القابوسية.
وفي يوم الأحد مستهلِّ رجب ركب قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني إلى باب الأزج، ومعه ولدُه أبو الحسن والشهود والوكلاء، فولَّاها ولدَه أبا الحسن، وحكم بين يديه فيها.