للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فظنَّ أَنه سَيُهْلِكُهُ، فلما حَصَلَ في قبضته أكرمه وخوَّله المال والسِّلاح، فلما وَرَدَ الخبر إلى بغداد، بَعَثَ الخليفةُ ابنَ الأنباري ليتوصَّل في أخذه، فلما وصل الرَّحْبة قَبَضَ عليه أميرُها بأمر زنكي، وحُمِلَ إلى قلعة المَوْصلِ.

وأمَّا تواريخ أهلِ الشَّام وأبو يعلى بن القلانسي فإنهم قالوا: وَصَلَ دبيس إلى الشَّام، وبلَغَ بوري أنَّه ببعض حلل العرب بنواحي صَرْخَد، وأنَّه قد ضَلَّ عن الطريق، فأرسل إليه من قَبَضَ عليه، ثم أنزله بدمشق، وأقام له الإقامة، وكتب إلى الخليفة يعرِّفُه، فشكره، وقال: احتفظ به حتَّى أُنفذ من يتسلَّمه. وبلغ زَنْكي، فبعثَ إلى بوري يسأله أن يسلِّمَه إليه ويعطيه خمسين أَلْف دينار، وكان عند زنكي ابنُ بوري وجماعةٌ من أمرائه الذين غَدَرَ بهم على حلب على خمسين أَلْف دينار، فقال زنكي: اجعل دُبَيسًا عِوَض الخمسين أَلْف دينار. فمال بُوري إلى ذلك من أَجل ابنه سونج وأمرائه، فأرسل إليه بدُبَيس، وبَعَثَ إليه بابنه وبالأمراء، ووصل سديدُ الدولة بنُ الأنباري إلى دمشق يطلبُ دُبَيسًا، فاعتذر بوري بما جرى من المفاداة، فرجع إلى بغداد، فالتقاه عسكر زنكي في الطَّريق فأوقعوا به وبمن معه، وحُمِلَ إلى قلعة المَوْصِل، فلم يخلص إلَّا بشفاعة السُّلْطان مسعود.

وقال ابنُ القلانسي: وفيها وَرَدَ الخبر من حِلَّة مكتوم (١) بن حسان بن مِسْمار بوصول دُبَيْس إليه في خواصِّ غِلْمانه وأصحابه، وأنه ضَلَّ الطريق، ولم يكن معه دليل، ومات معظم أصحابه من العطش، فأرسل بوري مَنْ أحضره، وأنزله معه في القلعة، وخَدَمه، وحَمَلَ إليه من الطعام واللِّباس والفُرُش ما يليق به، وذلك في شعبان، وبَعَثَ إلى الخليفة يُعَرِّفُه، فأمره أن يحتفظ به ليرسل من يأخذه، وبَلَغَ زنكي، فأرسل إلى بوري بالمفاداة، وذكر بمعنى ما ذكَرْنا، وأن زنكي بَعَثَ بالمعتقلين إلى قارا في عسكره، وأَنَ بوري بَعَثَ بدُبَيس إليه في عسكره، ووقعتِ المفاداة [وذلك في ذي العقدة.

ولما اجتمع بوري بولده والجماعة سُرَّ بهم، وحينئذٍ خُوطب في الرَّئيس ابن الصوفي فأَطْلَقَه، وخَلَعَ عليه، وأعاده إلى رياسته، وابن المَزْدَقَاني بحاله على وزراته.] (٢).


(١) في (ع) و (ح): مكرم، والمثبت من (م) و (ش)، وهو الموافق لذيل تاريخ دمشق: ٣٦٦.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر "ذيل تاريخ دمشق": ٣٦٦ - ٣٦٧، وسيأتي نحو هذا الخبر ص ٢٣٣، وأثبت ما في (م) و (ش) لزيادة معنى به.