للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبت إلى السبت، فأقاموا على هذا. وكان فرعون يصيبه من ذلك ما يصيب القبط، فقالوا: يا موسى، قد وضح لنا البرهان، فقد تبنا، فاسأل ربك فينا، فسأله، فرفع عنهم ذلك كله، فنقضوا العهود، وعادوا شرَّ ما كانوا عليه.

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ [الإسراء: ١٠١] وهذه خمس، فأين الباقيات؟ قلنا: العصا، واليد البيضاء، والبحر، والطمس على الأموال. وذكر عبد الوهاب بن النُّوبي وقال: كانت آياته عشرين آية، ذكر التسع التي ذكرنا وزاد: ولم يحترق في التنور، ولا غرق في البحر، ثم السنون، ثم المنّ والسلوى في التيه، وتظليل الغمام، وفلق البحر، وإحياء عاميل في قصة البقرة، وانفجار الماء له من الحجر، وتكليم الله له، والعمود الذي كان يَقِد بين يديه في التيه ليلًا.

وقال الزهري: في خلت على عمر بن عبد العزيز فقال لي: يا ابنَ شهاب أخبرني عن قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ [الإسراء: ١٠١] قال: فقلت: الطوفان، والجراد، والقُمَّل، والضَّفَادع، والدم، ويده، والبحر، والطمسة، وعصاه، فقال: أحسنت، هكذا يكون العلم، ثم قال: يا غلام آتني بالخريطة، فأتى بخريطة مختومة ففكَّها ونثر ما فيها، فإذا دراهم ودنانير وتمر وجوز وعدس، فقال: كُلْ يا ابن شهاب، فأهويت إليه فإذا هو حجارة، فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين، فقال: أصابه عبد العزيز بن مروان بمصر إذ كان واليًا عليها، وهو مما طمس الله على أموالهم (١).

وقال إسحاق بن بشر: أخبرني المضارب بن عبد الله الشامي، قال: أخبرني من رأى بمصر نخلةً مصروعة، وإنها لحجر، ولقد رأيت ناسًا قيامًا وقعودًا في أعمالهم لو رأيتهم ما شككت فيهم قبل أن تدنو منهم أنهم ناس، وإنهم لحجارة، ولقد رأيت الرجلَ يحرثُ بين ثورين، وإنه وثوراه حجارة (٢).


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ١٩٧.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ١٩٨.