وقال ابن يزيد: هو البراغيث. وقال الجوهري: هو دويبة من جنس القِرْدان يركب البعير عند الهزال، وقيل: هو الحَلَم (١) بحاء مهملة.
وأما الضفادِع فواحدها ضفدع، أقبلت كقطع الليل المظلم، فملأت البيوت والأواني، وأكلت الأطعمة، وملأت الحِبابَ والجِرار.
وأما الدم فكان الإسرائيلي والقِبْطي يأتيان إلى جانب النيل فيشرب الإسرائيلي ماءً والقِبْطي دمًا.
قال ابن عباس: دعا عليهم موسى فأصابهم ذلك، فكادوا أن يهلكوا بالطوفان، ملأ بيوت القِبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم، ومن قعد منهم غرق، ولم يدخل منازل بني إسرائيل منه قطرة، فقالوا: يا موسى ادعُ لنا ربَّك أن يكشفَ عنا هذا المطر، فقد منعنا من الحرث والزرع، ونحن نرسل معك بني إسرائيل، فسأل ربَّه فرفع عنهم الطوفان، وكان قد عمَّهم من السبت إلى السبت، فلم يرسلوا معه بني إسرائيل، فأرسل الله عليهم الجراد، فأكل جميع مالِهم، حتى مسامير الأبواب والحديد، فضجُّوا وقالوا: يا موسى ادع لنا ربك، فدعا لهم، فرفع الله عنهم الجراد، فلم يؤمنوا، فأمر الله موسى فخرج إلى قرية بظاهر مصر يقال لها: عَيْن شَمس، وعندها كثيب أعفر، فضربه بعصاه، فسال قملًا يلحس الزروع وغيرها، وكان يدخل بين جلد أحدهم وثوبه فيكاد يُهلكه، واختلط بطعامهم، ولصق بأجفان عيونهم وحواجبهم، فاستغاثوا: يا موسى ادع لنا ربَّك أن يكشفه عنا ونحن نرسل معك بني إسرائيل، فسأل الله فكشف عنهم، فعادوا إلى أخبث ما كانوا عليه، فدعا عليهم، فأرسل الله عليهم الضَّفادع فدخلت في أفواههم وثيابهم وقدور طعامهم وأوانيهم، فاستغاثوا وقالوا: نحن نتوب، فسأل الله أن يرفعها عنهم، فرفعها، فعادوا، فدعا عليهم، فأرسل الله عليهم الدم، فصار النيل دمًا فاختلط بأطعمتهم وشرابهم، حتى إن المرأة من القبط كانت تقول للمرأة من بني إسرائيل: اسقيني فقد عطشت، فتصبُّ لها من الجرة ماءً، فتقول لها اجعليه في فيك ثم مُجِّيه في فيَّ فتفعل، فيصير دمًا. وأقام بهم كلُّ نوع من هذا من
(١) "الصحاح" (قمل)، والحَلَم: القراد الضخم وهو ما يتعلق بالبعير فهو كالقمل للإنسان.