للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدَّم الهدايا والتُّحَف، ومفاتيح أبواب الموصل، فأُنْزِلَ وأُكرم، وأقام أيامًا، وخُلِعَ عليه، ورَحَلَ إلى الشَّام ليأخذ دمشق.

وجاء رسولُ دُبَيس يستعطف الخليفة، فلم يعطف عليه، فمضى دُبَيس إلى مسعود.

وفي صفر وصل ابنُ الأنباري من عند سنجر، وأخبر أنه تُلُقِّيَ من أربعة فراسخ، وأن سنجر نزل من التَّخْت مرارًا، وقبَّلَ الأرضَ وحافِرَ فرسِ الخليفة.

وفي ربيع الأول (١) وردتِ الأخبارُ بتغيُّرِ مسعود على الخليفة تغيُّرًا كُلِّيًّا، وأَنَّه قد جمع العساكر ومقصوده بغداد، ووصلت مقدّمته إلى حُلْوان، وفيها دُبَيس، وأقطع مسعود العساكر العراقَ، وبلغ الخليفة، فبعث مقدمته إلى المَرْج، وفيها الجاولي شِحْنة بغداد، وكجبة، وأرغش، وجماعةٌ من السِّلاحية في ألفين وخمس مئة فارس، وقال: تحفظون الطَّريق إلى أَنْ أَصِلَ إليكم.

وكان زَنْكي على دمشق يحاصرها، فبعث أهلُها يقولون للخليفة: رَحِّله عنا، ولك في كلِّ سنة خمسون ألف دينار. فَبَعَثَ إليه، وقال: ارْحَلْ، واقْدُمْ علينا لتساعدَنا على مسعود، ونَخْطُب لك. فقال: سَمْعًا وطاعةً.

وكان سنجر قد كَتَبَ إلى مسعود يقول: ما دام البازدار وابن بُرْسُق وقزل ويرنقش معك ما تُصِيبُ خيرًا، فهم الذين أفسدوا أمر أخيك طُغْريل، فابعثْ إليَّ برؤوسهم. فأطلعهم مسعودٌ على الكتاب، وقال: لو أردتُ بكم سوءًا لفعلت. فقبَّلوا الأرضَ، وقالوا: الآن قد عَلِمْنا أَنَّك صافي القلب لنا، فابْعَثْنا مع دُبَيس في المقدِّمة. فَبَعَثَ بهم، فقالوا: ما وراء هذا الكلام خير، والواجب خدمة أمير المؤمنين، فله في رقابنا عهود، وهذا عاقبة الغدر. فكتبوا إلى الخليفة: قد انفصلنا عن مسعود، ونحن ببلاد ابنِ بُرْسُق، فإنْ كانت لك نِيَّةٌ في الخروج فاخْرُجْ، فنحن بين يديك، وإلا فاخْطُبْ لبعضِ أولاد السُّلْطان، ونَفِّذْه إلينا لنكون معه. فكتب إليهم: دوموا على ما أنتم عليه، فأنا صائِرٌ إليكم. وبعثَ سديدَ الدولة [إليهم يطيِّبُ قلوبَهُمْ] وَيعِدُهُمْ الإقطاعَ، وبلغ مسعودًا،


(١) في (خ): الآخر.