للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابنُ عساكر أيضًا (١): روى الحُميدي عن سفيان قال: قال عُمر بن سعد للحسين: إنَّ قومًا من السفهاء يزعمون أني قاتلُك. فقال الحسين: ليسوا بسفهاء، ولكنهم حكماء. ثمَّ قال الحسين: واللهِ إنه ليقرُّ بعيني أنك لا تأكل بُرَّ العراق بعدي إلا قليلًا.

قال: وكان عمر بن سعد إذا مرَّ على الناس قالوا: هذا قاتلُ الحسين بن علي (٢).

فصل يتعلق بعقوبة قاتليه

ذكر جدِّي في "المنتظم" (٣) عن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى إلى محمد أني قتلتُ بيحيى بن زكريا سبعين ألفًا، وإني قاتلٌ بابنِ فاطمة سبعين ألفًا وسبعين ألفًا.

وروى ابنُ عساكر في "تاريخه" عن النبيِّ أنَّه قال: "قاتل الحسين في النار".

وقال الواقدي: ما بقي أحدٌ ممَّن شهد قتله، أو شارك فيه، إلا عُوقب في الدنيا بالقتل والبلاء، وفي الآخرة بالعذاب.

قال: وقال ابن الرمَّاح: كان عندنا بالكوفة شيخ أعمى قد شهدَ قتل الحسين، فسألناه عن سبب ذهاب بصره، فبكى وقال: كنت عاشر عشرة، غير أني لم أضرب بسيف، ولم أرم بسهم، ولم أطعن برمح، فرجعتُ إلى منزلي وعيناي كأنهما كوكبان، فنمتُ تلك الليلة، فأتاني آتٍ في منامي، فقال: أجِبْ رسول الله . فقلت: ما لي ولرسول الله . فأخذ بتلبابي، ثمَّ جَذَبَني، وانطلق بي إلى مكان، فإذا رسولُ الله جالس وعنده جماعة، وهو حاسرٌ عن ذراعيه، وبيده سيفٌ مسلول ونطع، وإذا بأصحابي التسعة مُذَبَّحين بين يديه، فسلَّمتُ عليه، فقال: لا سلَّم الله عليك يا عدوّ الله، انتهكْتَ حُرْمَتي، وشهدتَ قتلَ ولدي وأهلِ بيتي، ولم تَرْعَ حقِّي. فقلت: يا رسول الله، ما رميتُ بسهم، ولا ضربتُ بسيف، ولا طعنتُ برمح. فقال: ولكنَّك كثَّرتَ سوادَ القوم. وإذا بين


(١) المصدر السابق ٥٤/ ٣٨.
(٢) تاريخ دمشق ٥٤/ ٣٨. وفيه في آخر الخبر: وذلك قبل أن يقتلَه.
(٣) ٥/ ٣٤٦. وهو في "تاريخ دمشق". ينظر "مختصره " ٧/ ١٤٩.