للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاربًا إلى العرب، فنزل عليهم، ثم أخذ لواتة وسِنْبِس وغيرهم من العرب، وقصد العسكر المصري، وطرح نفسه عليهم وقاتلهم، فهزموه، وقتلوا ممَّن كان معه ألوفًا. وقيل: كان ذلك سنة ثلاث وستين في شوال، فلما أيقن بالهلاك نشر شعر أخته وزوجته بين يدي العرب، فعادوا على المشارقة فهزموهم، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا.

ذكر ما جرى لملك الروم أرمانوس:

لمَّا جرى عليه ما جرى سبق خبرُه إلى القسطنطينية، فوثب ميخائيل على المملكة، وقبض على والدته زوجة أرمانوس، ولها منه ابن وبنتٌ، فحلق رأسها، وألبسها الصوف، وأدخلها الدير، ووصل أرمانوس إلى دوقية، وحصل في قلعتها، وعرف الخبر، فلبس الصوف، وأظهر الزهد في الملك، وراسل ميخائيل يقول: قد فعلتُ في جميع العساكر وإنفاق الأموال والإعزاز لدين النصرانية ما فعلتُ، ولم آلُ جهدًا، ولا غُلِبتُ من قوةٍ، ولا من ضعفٍ لرأي، وقد كان من قضاء الله وقدره في نصر الإسلام وأهله ما لا قدرة لأحد فيه، ولا في ردِّه ودفعه، ولمَّا حصلتُ في يد هذا الرجل تكرَّم الكرمَ الَّذي لم أظُنَّه، وقرَّر عليَّ مال الهدنة، ومَن عليَّ وأطلقني، وصَعِدْتُ إلى الحصن زاهدًا في الملك، ولبستُ الصوف، وحمدتُ الله إذ حصلتَ في المكان الَّذي أنت أحقُّ به من غيرك، ويجب عليَّ أن أُعرفك حال هذا السلطان وما فيه من الفضل والإحسان، فإن قبلتَ قولي كُنْتُ الواسطةَ بينكما في حفظ دين النصرانية، وإن خالفتَ فأنت أعلم، وتؤدِّي المال الَّذي قرَّره عليَّ، وتُخلِّص رقبتي من أمانة فيها. فأجابه باستصواب رأيه، واعتذر بأن الحروب أنفدت الأموال، وهو يحمل ما قرَّر عليه من مال فكاكه مع مال الهدنة أولًا أولًا إلى أن تُوفِّيه، فأنفذ أرمانوس إلى السلطان بذلك، وأنفذ أموالًا كانت في حصن دوقيه نحو مئتي ألف دينار، من جملتها طَسْتٌ وإبريق وطبق من ذهب مُرصَّع بالجواهر، تبلغ قيمته سبعين ألف دينار، وحلف بالإنجيل أنَّه ما أمكنه حمل أكثر من هذا، ولا امتدَّت يدُه إلى غيره، وأعطى الحاجِبَين اللَّذين سارا في خدمته والغلمان ما جازاهم به، واعتذر إليهم، ووصل ذلك إلى السلطان، وأجابه بما سأل، ورضي بتأخير المال مع مال الهدنة، ثم بعث ميخائيل بعد انفصال الغلمان عن أرمانوس إليه يقول: إن كنتَ قد ترهَّبت عن حقيقة فيجب أن تنتقل إلى بعض البِيَع