للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتُخلِّي عن الحصن لأرتب فيه من يحفظه. فتنكر أرمانوس وقال: كأنه ما قنع لي بزوال الملك وحصولي في الحصن حتَّى ينافسني فيه، فرمى فيه بالصوف، واقترض أموال التجار الذين كانوا في الحصن، وجمع إليه عسكرًا من الأرمن، وقصد سنحاريبَ ملكَ الأرمن، فبعث إليه يقول: إن كنتَ جئتني ضيفًا خدمتُك، أما محاربة ميخائيل فلا قدرة لي عليها. فقال: ما جئتُكَ إلا ضيفًا. فخرج إليه وتلقَّاه، وقبض عليه، وأخذ أمواله، وكانت ثمانين قنطارًا، وتقدَّم بسَمْلهِ وحبْسِه، وكان مع أرمانوس ألوفٌ من الروم والأرمن، فاستخدمهم سنحاريب، وسار إلى قُونية والبلاد فملكها، واستولى على معظم الروم، وسار إلى ملطية فنزل عليها، وصادر أهلَها وأخذ أموالهم، وراسل السلطانَ، فوعد أن يُنجده بنفسه.

وفي صفر ورد رسولُ صاحب مكة بإقامة الدعوة العباسية بمكة والمدينة.

بعث الخليفةُ إلى السلطان الخِلعَ والهدايا، وكان السلطانُ قد سأل الخليفةَ أن يُزوَّج الأمير عُدَّةُ الدين من ابنته خاتون الشقيرية، فأجابه الخليفة، وكتب وكالة لعميد الدولة عن الأمير عُدَّةِ الدين.

وفي ربيع الأول ورد الوزير أبو العلاء من عند السلطان وعليه خِلَعٌ سلطانية، ولُقِّب وزيرُ الوزراء، ومعه توقيعٌ بنصف إقطاع الوزير ابن جَهير تنكُّرًا من السلطان عليه، وأن يكون أبو العلاء نائبًا ببغداد عن السلطان، وكان ذلك بتدبير نظام الملك، وبلغ الخليفة، فثقل عليه، ولم يأمر بتلقِّيه، فدخل وحده، وقبَّل عتبة باب النُّوبي وانصرف، ووصل بعده بثلاثة أيام سعد الدولة الكوهراني برسالة من السلطان في معنى فخر الدولة والعتب عليه، ويسأل الميل إلى أبي العلاء الوزير، والتقاه حاشية الخليفة والوزير، ونزل بباب النُّوبي، وقبَّل العتبة، وسأل الحضور فأُذِنَ له، فدخل معه الوزيرُ ابنُ جَهير [وكان معه رسالة لا يحضرها ابن جَهير، فلم يفعل الخليفة] (١)، ودفع كتاب السلطان إلى الخليفة، ولم يؤدِّ الرسالة، وكتبها في ورقة وأعطاها الخليفة، فوقف الخليفةُ على المُلَطّف وقال: كذب كاتبُه، لعنه الله. وقيل: إنه يضمن أن الوزير ذكر السلطان بقُبح، ثم انصرف سعد الدولة، خرج توقيع الخليفة إليه: قد عرفنا ضيق صدر عضد الدولة بتأخير رسلنا إليه، وانتظارهم بالري الانتظار الَّذي ثَقُل عليه،


(١) ما بين حاصرتين من (ب).