للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يقول: بل ينبغي أن نَقبل، فتقع الفرقة بينهم، وإن قالوا: بلى نقبل ما فيها؛ رفعنا هذا القتال والحربَ إلى أجل.

فرفعوا المصاحف على الرِّماح وقالوا: هذا كتابُ الله بيننا وبينكم، مَن لثُغور المسلمين من أهل العراق، مَن لثغور أهل الشام؟ فلما رأى الناس المصاحف قد رُفعت قالوا: نُجيب إلى كتاب الله ونُنيب إليه.

وقال هشام: قال الأشعث بن قيمص لقومه: قد رأيتم ما كان في اليوم الماضي من الحرب المُبيرة (١)، وإنا والله لئن التقينا غدًا إنه لبَوار العرب، فانطلقت العيون بكلام الأشعث إلى معاوية فقال: صدق الأشعث، لئن التقينا غدًا لتميلَنّ الرومُ على ذَراري أهل [الشام، وليميلنّ دَهاقين فارس على دراري أهل] العراق (٢)، وما يُبصر هذا الأمر إلا ذوو الأحلام، اربطوا المصاحف على أطراف القنا، فرُبِطت.

فأولُ مُصحفٍ رُبط مصحف دمشق الأعظم، ورُفع على خمسة أرماح، يحملها خمسة رجال، ثم رفعوا جميع ما كان معهم على القنا، وأقبلوا في الغَلَس ولم يعلم أهل العراق ما معهم حتَّى أضاء الصبح، فتقدّم بين يدي المصاحف جماعة منهم: شُرَيح (٣) الجُذاميّ، ووَرْقاء بن المُعَمّر (٤)، فنادَوا: الله الله [في نسائكم وأولادكم]، بيننا وبينكم كتاب الله، فقد فَنينا، فقال أمير المؤمنين: والله ما الكتابَ تريدون، وإنما المكر تُحاولون.

وتكلّم أصحاب عليّ ؛ فقال الحُضَين بن المُنذر: أيَّها الناس، إن لنا داعيًا قد حَمِدنا ورْدَه وصَدَرَه، وهو المأمون على [ما فعل، فإن قال لا، قلنا: لا، وإن قال: نعم، قلنا نَعم. فتكلّم علي وقال:] عباد (٥) الله، نحن أولى مَن أجاب إلى كتاب الله، غير أن القوم قد عضَّتهم الحربُ فقصدوا المكرَ والخَديعة.


(١) في (خ): هل رأيتم … الميثرة، والمثبت من (ع) ووقعة صفين ٤٨٠ - ٤٨١، والأخبار الطوال ١٨٨.
(٢) ما بين معكوفين من الأخبار الطوال ١٨٩، ووقعة صفين ٤٨١.
(٣) في وقعة صفين ٤٧٨: أبو شُريح.
(٤) في (خ): المعتمر، والمثبت من الأخبار الطوال ووقعة صفين.
(٥) ما بين حاصرتين من الأخبار الطوال ١٨٩ - ١٩٠، ووقعة صفين ٤٨٥ - ٤٨٦.