للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسكين، وقبرُه ظاهر يُزار، ويقال: إنَّ الدُّعاء عنده مُستجاب مُجرَّب.

حدَّث عن خَلْق كثير (١)، وكان ممَّن أحيى علم البصرة بمصر، واتَّفقوا على زهده وثقته وورعه.

وأسند عنه ابنُ عساكر أنَّه روى عن النَّبيِّ أنَّه قال: "من قال: سبحان الله وبحمده غرس الله له بها نخلة في الجنَّة" (٢).

وقال ابن زُولاق: كان لبكَّار اتِّساع في العلوم والفقه، وصنَّف كتابًا ردَّ فيه على الإمام محمد بن إدريس الشَّافعي، وسببُ تصنيفه أنَّه وقف على كتابٍ لإبراهيم المزنيِّ ردَّ فيه على أبي حنيفة في إسنادٍ ذكر أنَّه سمعه من الشَّافعي، فقال بكَّار لرجلين من عُدُوله: اذهبا فاسمعا من المزنيِّ هذا الكتاب، واشهدا عليه أنَّه سمعه من الشَّافعي، وكان يقال لأحدهما: سقلاب والآخر سرداب، فذهبا إليه وسمعاه منه، فقالا: أنت سمعتَ هذا من الشَّافعي؟ قال: نعم، فرجعا إلى بكَّار، وشهدا عنده بذلك، فقال: الآن طاب لنا أن نقول، ثمَّ ردَّ عليه.

وكان بكَّار ينشد دائمًا: [من الطويل]

لنفسيَ أبكي لستُ أبكي لغيرها … لنفسيَ (٣) في نفسي عن النَّاس شاغلُ

ومات ولم يخلِّف (٤) دينارًا ولا درهمًا ولا دارًا ولا عَقارًا.

وولي بعده أبو عبيد الله محمد بن عبدة (٥) بن حرب البصري، وكان جبَّارًا، له مئة مملوك، وبنى دارًا بمصر عند دار العنقود غرم عليها مئة ألف دينار، وأجرى عليه أبو الجيش بن أحمد بن طولون في كلِّ شهر ثلاثة آلاف دينار، وكان يعظِّمه. [انتهت ترجمته.


(١) في (ف): حدث عن بكار خلق كثير.
(٢) "تاريخ دمشق" ٣/ ٤١٢ (مخطوط) من حديث جابر بن عبد الله ، وأخرجه الترمذي (٣٤٦٤) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(٣) في "تاريخ دمشق" ٣/ ٤١٣: لعيبي.
(٤) في (ب): وقال ابن زولاق: لم يخلف …
(٥) في النسخ: محمد بن عبد الله … ، والمثبت من "تاريخ الإسلام" ٧/ ٢٧٤.