للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرابعُ: أنه علق به سِلٌّ قبل وفاة رسول اللَّه ، فلم يَزلْ به حتى قتله. حكاه عكرمة، عن ابن عباسٍ. قال: وكان يأمرُ أبو بكر عمرَ فيصلي بالناسِ، ويدخلُ عليه الناسُ فيعودونه، وكان عثمانُ ألزمَ الناس له في مرضه.

وقال عبد اللَّه بن أحمد بإسناده عن أبي السَّفْر قال: مرض أبو بكرٍ فعاده الناسُ، وقالوا: ألا ندعو لك طبيبًا؟ فقال: الطبيب أمرضني، وقد رواه أبو نُعيمٍ: ألا ندعو لك الطبيب؟ فقال: قد رآني، قالوا: فأي شيءٍ قال لك؟ قال: قال: إني فعَّالٌ لما أُريد (١).

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن مسروقٍ، عن عائشة قالت: لمَّا مرِض أبو بكرٍ مرضَه الذي مات فيه قال: انظروا ما زاد في مالي منذُ دخلتُ الإمارةَ، فابعثوا به إلى الخليفة بعدي، قالت: فلما مات نظرنا؛ فإذا عبدٌ نوبيٌّ كان يحملُ صبيانَه، وناضحٌ كان يَسني عليه، أي: يسقي له بستانًا، وقطيفة، فبعثنا به إلى عمر، فبكى عمرُ وقال: يرحمُ اللَّهُ أبا بكرٍ، لقد أتعب مَن بعده تعبًا شديدًا.

وفي روايةٍ عنها: ما كان عنده يومَ مات درهم ولا دينارٌ، ما كان عنده إلا خادمٌ ولقْحَةٌ ومِحْلَبٌ.

وروى ابن سعدٍ: أن أبا بكرٍ بعث إلى عمر بالعبدِ النُّوبي والناضح والقطيفة، وكانت تُساوي خمسة دراهم، فقال له عبد الرحمن بن عوفِ: سبحان اللَّه تسلبُ عيالَ أبي بكرٍ هذا؟ رُدَّه عليهم فقال: لا واللَّه، لا يتأثَّمُ بها أبو بكرٍ حالَ حياته وأتحمّلُها بعد مماتهِ.

وفي روايةٍ: فقال عمرُ لعبد الرحمن: ما تأمرُ؟ قال: رُدَّه عليهم. فقال: لا يَخرُج عن شيءٍ وقتَ الموت وأردُّه في عيالِه (٢).

وقال الشعبي: نظروا فيما وصلَ إليه فكان ستَة آلاف درهم فقال: حائطي الفُلاني عِوَضُها، وكان يُساوي أضعافها فأدخله في بيتِ المال. وأوصى بعد ذلك بخُمْسِ ماله


(١) الزهد لأحمد ١٤٠، وحلية الأولياء ١/ ٣٤، وأخرجه هناد في الزهد (٣٨٢)، وابن سعد ٣/ ١٩٨، والبلاذري ٥/ ١٥٥، وابن عساكر ٣٥/ ٥٣٣ - ٥٣٤.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٢ و ١٩٣ و ١٩٦.