الخليفةُ إليه يوسف الدِّمَشْقي، فوعظه وذكر [له](١) ما يجب [عليه](١) من طاعة الخليفة ووبَّخه، فرحل إلى هَمَذان، [فيقال: إن يوسف الدمشقي مات عنده، وقيل في السنة الآتية](١).
وفيها عاد أسد الدين شيركوه إلى مِصْر؛ وهي المرَّة الثَّانية، وسببه أنَّ العاضد كتب إلى نور الدين [محمود](١) يستنجده على شاور، وأنه قد استبدَّ بالأمر، وظَلَمَ وسَفَك الدَّم، وكان في قلب نور الدين من شاور لأنَّه غدر بأسد الدين، واستنجد بالفرنج، فسار أسد الدِّين من دمشق منتصف ربيع الأَوَّل، ومعه [ابن أخيه](١) صلاح الدين، فنزل الجِيزة غربي مصر على البحر، وكان شاور قد أعطى الفرنج الأموال [العظيمة](١)، وأقطعهم الإقطاعات، وأنزلهم دُور القاهرة، وبنى لهم أسواقًا تخصُّهم، وكان مقدَّمهم الملك مُرِّي وابن بيرزان، فأقام أسد الدِّين على الجِيزة شهرين، وعدَّى إلى بَرِّ مِصْر والقاهرة في خامس عشرين جُمادى الآخرة، وأصْعَدَ إلى البابين، وخَرَجَ شاور والفرنج، ورتَّب العساكر، فجعل الفرنج في الميمنة مع ابن بيرزان، وعسكر مصر في المَيسرة، وأقام الملك مُرِّي في القلب في شوكة الفرنج والخيَّالة، ورتَّبَ أسدُ الدِّين عساكره، فجعل صلاح الدين في الميمنة، وفي الميسرة الأكراد، وأسد الدين في القلب، فحمل الملك مُرِّي على القلب فَتَعْتَعَهُ، وكانت أثقالُ المُسْلمين خلفه، فاشتغل الفرنج بالنَّهب، وحَمَل صلاحُ الدِّين على شاور فكسره، وفَرَّق جَمْعه، وعاد أسدُ الدِّين إلى صلاحِ الدين فحملا على الفرنج، فانهزموا، فقتلا منهم ألوفًا، وأسرا مئةً وسبعين فارسًا، وطلبوا القاهرة، فلو ساق أسدُ الدِّين خلفهم لملك القاهرة، وإنما عَدَل إلى الإسكندرية، فتلقَّاه أهلُها طائعين، فدخلها، وولَّى عليها [ابن أخيه](١) صلاح الدين، فأقام بها، وسار أسدُ الدِّين إلى الصَّعيد، فاستولى عليه، وأقام يجمعُ أمواله [ويجبي خراجه](١)، وخرج شاور والفرنج من القاهرة، فحصروا الإسكندرية أربعة أشهر، وأهلُها يقاتلون مع صلاح الدِّين، ويقوُّونه بالمال، وبلغ أسد الدين، فجمع عَرَبَ البلاد، وسار إلى الإسكندرية، فعاد شاور إلى القاهرة وراسل أسدَ الدِّين، وأعطاه إقطاعًا بمصر، وعَجَّل له مالًا، فعاد إلى الشَّام، وصلاح