للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شعره يشكو من دمشق: [من الكامل]

لأُرَحِّلَنَّ مطيَّتي عن بلدةٍ … شعثاءَ يُكرَهُ ماؤها وهواؤها

ولأزجُرَنَّ العِيسَ عنها مُعْرِضًا … إنْ أدركتني (١) دولةٌ ولواؤها

فإلامَ أُغضي في دمشق على القذى … والأرضُ نازحةٌ بها أرجاؤها

أَأُضامُ والأملاكُ ترجو أَنْ ترى … شخصي ولي في العالمين ولاؤها

إنْ لم أَثُرْ أَنَفًا فلا أجْرَتْ يدي … قلمًا، به يُرْوي المعاليَ ماؤها (٢)

وبلغ ابنَ منير أنَّه كتب إلى بعضِ القضاة: المجلس القاضوي، فقال يهجوه: [من المتقارب]

أيا ملك النَّحو والحاءُ من … تهجِّيه من تحتُ قد أعجموها

أتانا قياسُكَ هذا الَّذي … يُعَجِّمُ أشياءَ قد أفسدوها

ولما تَصَفْعَنْتَ في القاضوي … غدا وَجْه جَهْلِك فيه وجُوها

وقالوا قفا الشيخ إن الملوك … إذا دخلوا قريةً أفسدوها (٣)

فأجابَه: [من المتقارب]

أيا ابنَ منيرٍ حسِبْتَ الهجا … ءَ رتبةَ فخرٍ فبالغتَ فيها

جمعتَ قوافيَ من ذا وذا … وأصبحتَ منتحِلًا تدَّعيها

وقالوا قفا الشيخ إنَّ الملوك … إذا أخطأتْ سوقةٌ أدَّبوها (٤)

وله مقاماتٌ من جنس مقامات الحريري، هَزْلٌ وكذب، وله كتاب أربع مئة كرَّاسة سماه "التذكرة السفرية" وكان قد تزوَّج ببغداد امرأة بذيئة اللِّسان، فكانت تسفه عليه، [فقالت له يومًا: أنا امرأتك، زوج مَنْ أنتَ؟] (٥).

وكان يغشى وزيرَ الخليفة، فمدحه في بعض اللَّيالي بقصيدة فأمر له بجائزة سنية، وخِلْعة، فقال: ما أُريدها، فقال الوزير: وما الَّذي تريد؟ قال: لي امرأةٌ سفيهة، وقد فضحتني عند


(١) في "الخريدة": "إن أقدرتني".
(٢) الأبيات في "الخريدة": ١٢٤ - ١٢٥.
(٣) إشارة إلى سورة النمل، الآية: ٣٤.
(٤) "الخريدة": مج ١ / ج ٣/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٥) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).