للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمدارس] (١) وأسقط ما كان يؤخذ من دار البطيخ، وسوق الخيل والغنم، والكيالة، وجميع المكوس، وعاقب على شُرْب الخمر.

وكان في الحرب ثابت القدم، حسن الرمي، يتقدَّم أصحابه فيها، ويتعرَّض للشَّهادة، ويسأل الله أن يحشره من بطون السِّباع، وحواصل الطَّير.

ووقف أوقافًا على المرضى والمجانين، وبنى المكاتب لليتامى، وبنى المارَسْتان بدمشق، ووقف على سُكان الحرمين، وأقطع أمراء العرب القطائع لئلا يتعرَّضوا للحاجّ، وأمر بإكمال سور المدينة، وأجرى إليها العين التي تأخذ من أُحُد من عند قبر حمزة ، وبنى الرُّبُط والجُسور والخانات والقناطر، وجدَّد كثيرًا من قُني السَّبيل، وكذا صَنَعَ في غير دمشق من البلاد التي ملكها، ووقف كُتُبًا كثيرة في مدارسه، وكان حسنَ الخطِّ، كثير المطالعة للكُتُب الدِّينية، متبعًا للآثار النبوية، مواظبًا على الصلوات الخمس في الجماعات، عاكفًا على تلاوة القرآن، حريصًا على فعل الخير، عفيف البطن والفرج، مقتصدًا في الإنفاق، متحرِّيًا في المطعم والمشرب والملبس، لم تُسْمع منه كلمة فحش قط، لا في رضاه ولا في غضبه، هذا مع ما جَمَع الله فيه من العقل المتين، والرأي الثَّاقب الرصين، والاقتداء بسيرة السَّلف الصَّالحين، حتى روى حديث المصطفى ، وأسمعه. وكان قد استجيز له [ممن سمعه وجمعه حرصًا منه على الخير في نشر السنة بالأداء والتحديث، ورجاء أن يكون ممن حفظ على الأمة أربعين حديثًا كما جاء في الحديث] (١)، فمن رآه شاهد من جلال السَّلْطنة وهيبةِ المملكة ما يبهره، فإذا فاوضه رأى من لطافته وتواضعه ما يحيِّره، يحبُّ الصالحين ويؤاخيهم، ويزورهم في أماكنهم لحُسْن ظنِّه فيهم. [هذا قول ابن عساكر، وذكر كلامًا طويلًا في هذا المعنى] (٢).


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
وحديث "من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من سنتي أدخلته يوم القيامة في شفاعتي". روي عن جمع من الصحابة بأسانيد لا يخلو واحد منها من مقال.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر "تاريخ ابن عساكر" (خ) (س): ١٦/ ٢٩٣ - ٢٩٦.