للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضِ الأيام: قد حَبِلْتُ، فاعملي [لي] دواءً للإسقاط. فعملته له، فولد ولدًا، وحضرا مجلس بعض الوعَّاظ، وكتبا إليَّ رُقعةً بصورة الحال، فقال: هذا النِّكاح ما صحَّ لأنَّه تبيَّن أنَّه خُنْثى في حُكْمِ امرأة، لأَنَّه يأتي ويوتَى، وعَجِبَ النَّاس من هذا (١).

وفيها بنى مجاهد الدِّين قيماز الخادم النَّائب بالمَوْصل الجامع الذي ظاهرها على دِجْلة، ثم بنى بعده الرِّباط والمدرسة والتُّرْبة والمارَسْتان، وكلُّها متجاورات، ووقَفَ عليها الأوقاف.

وفيها تزوَّج صلاحُ الدِّين بالخاتون عصمة الدِّين بنت الأمير معين الدِّين أُنَر زوجة نور الدِّين محمود، وكانت بقلعة دمشق، زوَّجها منه شرف الدين بن أبي عَصْرون.

وفيها كانت نوبة الكنز، مقدِّم السُّودان (٢) بالصَّعيد، [جمع كل أسود بالصَّعيد، وسار] (٣) إلى القاهرة في مئة ألف أسود ليعيد الدَّولة المِصْرية، فخرج إليه الملك العادل [سيف الدين] (٣)، وأبو الهيجاء الهَكَّاري، وعِزُّ الدِّين موسك، والتقوا، فَقُتِلَ الكنز ومَنْ معه، فيقال: إنهم قتلوا منهم ثمانين ألفًا، وعادوا إلى القاهرة، فقال العماد الكاتب: قُتِلَ الكَنْز، وما انتطحَ فيه عَنْز.

وفيها سار صلاحُ الدِّين إلى مِصْر، واستناب أخاه شمسَ الدَّولة على الشَّام، وجاءت الفرنج إلى داريا، فأحرقوا ونهبوا، وعادوا.

وفيها أمر صلاحُ الدِّين قَرَاقُوش بعمارة سور على القاهرة ومِصْر، وضيَّع فيه أموالًا عظيمة، ولم ينتفع به أحد.


(١) "المنتظم": ١٠/ ٢٦٩.
(٢) نوبة الكنز كانت في سنة (٥٧٠ هـ)، وبنو الكنز أصلهم من ربيعة بن نزار بن مَعَدّ، كانوا ينزلون اليمامة، وقدموا مصر في خلافة المتوكل على الله أعوام بضع وأربعين ومئتين، ونزلت طائفة منهم بأعالي الصعيد، وأسسوا ثمة إمارة عربية كانت أسوان مقرًا لها، واعترف الفاطميون بهذه الإمارة، وفي زمن الحاكم بأمر الله كان أميرهم هبة الله بن محمد بن علي المعروف بالأهوج المطاع، وهو الذي ظفر بأبي ركوة الأموي الخارج على الحاكم، فأكرمه الحاكم ولقبه كنز الدولة، فصار لقبًا لكل أمير فيهم، حتى كان آخرهم هذا. انظر "البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب" للمقريزي: ٤٤ - ٤٦، و"الطالع السعيد": ٣٠، وانظر "الروضتين": ٢/ ٣٣٧ - ٣٣٩.
(٣) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).