للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنحن سُدًى فيه بغير سياسةٍ … نروحُ ونَغْدُو قد تكنَّفنا الشَّرُّ

فلا من يحلُّ الزِّيج وهو منجِّمٌ … ولا مَنْ عليه ينزل الوَحْيُ والذِّكْرُ

يحلُّ لنا ما نحن فيه فنهتدي … وهل يهتدي قومٌ أضلَّهم السُّكْرُ

عمًى في عمى في ظُلْمةٍ فوق ظُلْمةٍ … تراكُمها من دونه يعجز الصَّبْرُ

وقال: [من الرمل]

لا توَّطنْها فليست بمقامِ … واجْتَنِبْها فَهْيَ دارُ الإنتقامِ

أتراها صَنْعَةً من صانع … أم تُراها رميةً من غيرِ رامِ

[وله أشعار من هذا الجنس مذمومة.

قال جدي: فلما تحقق هذا عندي هجرته سنين، ولما مات لم أصلِّ عليه، ومع هذه الفواحش والاعتقاد السيء، (١) كان يُظْهر الفقر، ويطلب من الناس، فلما مات وجدوا له ثلاث مئة دينار، ومات في ربيع الآخر، ودُفِنَ بباب حرب.

ورآه أبو بكر الدَّلال في المنام وهو عُرْيان، فقال له: ما فَعَلَ الله بك؟ فقال: قلتُ له: اغفرْ لي، فقال: ما أريد أَنْ أغفر لك.

[هذه (٢) صورة ما حكى جدي في "المنتظم" (٣).

وحكى شيخنا عبد الوهّاب بن بُزْغُش المقرئ (٤)، وكان جاره، قال: دخلت عليه يومًا في أيام الفتنة في بغداد، فرعدت الدنيا رعدًا مزعجًا، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: خباط في الأرض، وخباط في السماء!

قال: وكانت قد سقطت أسنانه، وسخَّر الله له بعضَ الأكابر، فكان يبعث له الدَّجاج والطعام، فكان يقول: قتلني في أول عمري بالفقر والجوع، ويبعث لي في آخر عمري الدجاج، وقد أخذ أسناني، فما أقدر أن آكل!


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): "وقال عبد الوهاب بن بزغش، قال لي صدقة يومًا: يا فلان" والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) "المنتظم": ١٠/ ٢٧٦ - ٢٧٨.
(٤) هو ختن ابن الجوزي، وقد توفي سنة (٦١٢ هـ)، انظر ترجمته في "توضيح المشتبه": ٦/ ١٦٢، ٩/ ٢١٢ - ٢١٣، و"التكملة" للمنذري: ٢/ ٣٥٢ - ٣٥٣.