للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصنف : وكان جدِّي حاضرًا، فقال: لا يجب عليه التعزير، لأَنَّه رجل ليس له عِلْم بالنَّقْل، وقد سَمِعَ أَنَّه جرى قتال، ولم يعلم أَنَّ السفهاء أثاروه بغير رضي الفريقين، وتأديبه العفو عنه. فكتَبَ ابنُ العَطَّار إلى الخليفة فقال: يُطْلق ولا يعاود إلى مثلها. فأُطْلق (١).

[قلت: وقد ذكر جدي في بعض مصنفاته وقال: ما وقع الخلاف بين أحد من الصحابة وبين علي إلا والحق مع علي لقوله : "وأدر الحق معه كيفما دار" (٢)، فإن جرت من غيره هفوة فهو مسكوت عنها لقوله : لا تسبوا (٣)] (٤).

وفيها عصى شمسُ الدِّين بن المقدَّم ببَعْلَبَكّ، وكان صلاحُ الدِّين قد أعطاه إياها، ومدَّ شمس الدولة تورانشاه عينه إليها، وقَدِمَ صلاحُ الدِّين دمشق، فأرسل يطلبُ ابنَ المقدَّم، فاعتذر خوفًا من شمس الدَّوْلة، فخرج صلاحُ الدِّين، ونزل على بعلبك، فأقام تسعة أشهر يحاصرها، فنفد ما عنده، فأرسل إلى السُّلْطان يسأله العِوَض، فأعطاه بارين وكَفْرطاب، [(٥) وخرج شمس الدين بن المقدَّم إليها، وسلَّم صلاح الدين بعلبك إلى أخيه شمس الدولة].

وفيها مات الهنفري ملك الفرنج، بلغ السُّلطان أنه يريد [أن] (٤) يغار على دمشق، فبعث عِزَّ الدِّين فَرُّخْشاه [ابن أخيه] (٤) بعساكر دمشق إلى قرن الحرَّة، وقال: تقيم هناك على مرج عيون، فإنْ جاؤوك فأَرْسِلْ كُتُبَ الطُّيور إليَّ، ولا تواقعهم حتى آتيك، فسار فنزل مرج عيون، فلم يشعر إلا بطلائع الهنفري قد خالطته، ووقع القِتال، فلم يقدر [فرخشاه] (٤) على إعلام السُّلْطان، وقاتلهم بنفسه، وجُرح الهنفري جراحات موثقة، فأخذوه وانهزموا، وغنمهم فَرُّخْشاه، ومات الهنفري بعد أيام، وجاء السُّلْطان، فنزل قصر يعقوب، وبعث السَّرايا والغارات إلى بلد الفرنج.


(١) انظر "المنتظم": ١٠/ ٢٨٦.
(٢) أخرجه الترمذي (٤٠٤٧) من حديث علي، وإسناده ضعيف.
(٣) أخرجه البخاري (٣٦٧٣) ومسلم (٢٥٤٠)، وهو عند الإمام أحمد (١١٠٧٩) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في (ح): فأعطاه بارين وكفرطاب، وسلمها صلاح الدين إلى شمس الدولة، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).