للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها ابتدأ الخليفةُ بعمارة دار المسناة في الجانب الغربي من بغداد، وتسمى دار تتر، وهي قائمة إلى هلمَّ جرا.

وفيها ابْتُدِئَ بعمارة تربة المستضيء المجاورة لجامع فخر الدولة، وتولَّى عمارتها أُستاذ الدَّار ابنُ الصَّاحب، ونقل تابوته إليها.

ووصل شيخ الشيوخ إلى صلاح الدِّين، وخَلَعَ عليه خِلْعة السَّلْطنة، وأعطاه التقليد، فركب [شيخ الشيوخ] (١) البحر من مِصْر إلى مكة لنذرٍ كان عليه، وأقام إلى أيام الموسم، وحَجَّ وعاد إلى بغداد (٢).

وفيها توفي سيف الدِّين صاحب المَوْصل.

وفيها سار صلاحُ الدِّين إلى بلد الرُّوم؛ وسببه أَنَّ نورَ الدّين محمد بن قرا رسلان بن سكمان بن أُرْتُق صاحب حِصْن كيفا كان قد انتمى إليه، وكان عِزُّ الدين قليج رسلان بن مسعود بن قليج رسلان قد زوَّجه ابنته، فأَساء العِشْرة معها، فكتبت إلى أبيها تشكوه، فبعث إليه: إما أَنْ تُحْسِنَ عِشْرتها، وإما أنْ تفارقَها. فلم يلتفت إليه، وكاتَبَ صلاحَ الدين، فسار في نجدته، فالتقاه ابنُ أُرْتُق على نهر الأزرق بين بهسنى وحصن منصور، ثم عبرا منه إلى النهر الأسود، وجاءت رسل قليج رسلان، وتقرَّر الصُّلْح، وعاد السلطان إلى بلاد ابن ليون، فأخربها ونهبها، فصالحه على مالٍ وأُسارى، فرجع إلى دمشق، فقال محمد بن سُلْطان (٣) يخاطبُ صلاحَ الدين: [من المتقارب]

ورُعْتَ ابنَ سَلْجُوقَ في مُلْكه … فَقَعْقَعَ من رُعْبه بالشِّنانِ

أَزَرْتَ ابنَ لاونَ لأوَاءَه … فأضحى به خَبَرًا عن عِيانِ

فأخلى لهيبتك المانقير (٤) … وغادَرَ للهَدْمِ تلك المباني


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) قدم شيخ الشيوخ على صلاح الدين بدمشق بالخلعة، ثم سار معه إلى مصر، ومن مصر ركب شيخ الشيوخ البحر إلى مكة. انظر "الروضتين": ٣/ ٦٥ - ٦٧.
(٣) هو محمد بن سلطان بن الخطاب المقرئ النِّيلي -بليدة في سواد الكوفة- قدم بغداد، وقرأ بها الأدب على ابن الخشاب، وأقرأ الأدب، ولم يذكر الصفدي والسيوطي سنة ولادته ولا وفاته. انظر "الوافي والوفيات": ٣/ ١١٨، و"بغية الوعاة": ١/ ١١٥، و"معجم البلدان": ٥/ ٣٣٤.
(٤) المانقير: هي قلعة شامخة أحرقها ابن لاون خوفًا من صلاح الدين، انظر "الروضتين":: ٣/ ٥٥.