للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصنف ﵀: وفي شوّال جلس جدِّي ﵀ في دار الوزير ابن حديدة، ونسبه إلى الأنصار، وقال في حديث السقيفة: إنَّ أبا بكر ﵁ قال للأنصار يوم السقيفة: نحن الأُمراء وأنتم الوزراء، فميراث معين الدِّين لا عن كلالة. ثم قال: وما يصلح لدولة الإمام النّاصر إلا الأنصار، وقُرئ بين يديه في ذلك اليوم: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ [التوبة: ١٠٠] فقال: سبحان الذي قدَّم نبيَّنا على سائر الأنبياء، وأُمَّتَنا على الأُمم، وكتابنا على الأسفار، فأين البُرْهان من زهادنا، وأين من علمائنا الأحبار، ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القصص: ٦٨] وأين أصحاب موسى من ﴿ثَانِيَ اثْنَينِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: ٤٠] كم بين مَنْ قال: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا﴾ [المائدة: ٢٤] إلى فاتح الأمصار، أَلَهُمْ كَرَمُ المُنْفِقِ في زمان الإعسار؟ أفي المتقدِّمين كالمقدَّم في العِلْم والشَجاعة البطل المِغْوار؟ كان الرسول يخصُّه بالخصائص، ويطلعه على الأسرار، وإذا حَمِيَ الوطيس رمى به في لجج البحار والأخطار، بارز يوم بدر عُتْبة وشيبة والوليد الكُفّار، وعمره يومئذٍ عشرون سنة، فغلب الصَّغيرُ الكبارَ، كان جبريل عن يمينه وإسرافيل عن اليسار، فوصف الحقُّ ما جرى بين أهل الرِّبْح والخَسار: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ﴾ [الحج: ١٩] ومنه الحسن والحسين، فيا حُسْنَ تلك الثِّمار، وزوجته البَتُول بنتُ المصطفى المختار، وجَمْعُ من شَهِدَ بدرًا ثلاث مئة وثلاثة عشر، هم أفضل الصَّحابة الأخيار، فمن المهاجرين مئة وثلاثة وثمانون، منهم الخلفاء الأربعة، وصُهَيب وبلال وعمار، ومئتان وثلاثون كلُّهم من الأنصار، فمن الأوس ثلاثة وستون، ومن الخزرج مئة وسبعة وستون، فالخزرج أفضلُ في المِقْدار، فمنهم قُطْبة بن عامر بن حديدة، ويزيد بن عامر بن حديدة، وسُلَيم بن عمرو بن حديدة، وهم ساداتُ الخزرج الأبرار، هذا هو الفَخْرُ يا معين الذين، وما الحُلِيّ المملوك كالمُسْتعار، يا له من نَسَبٍ إذا تضوَّع بين الخَلْق زاد على جُونة العَطّار، وإذا سال سَيلُ كَرَمه أقرب السَّواقي للبحار، عَدْلُ المولى الوزير حُلِيّ ومجلسي سِوار، يا قومنا أقمارُ لَفْظي طلعت بالنَّهار، وأنشد: [من المتقارب]

وحُرْمة شُعْثٍ على كلِّ نِضْوٍ … بَراهُنَّ من ألمٍ ما بَراني

إذا ذكَّرَتْها الحُداةُ الهوى … قَطَعْنَ البُرَى قَطْعَ وَجْدي عِناني