للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقلوبُ أهلِ ودَادِكُمْ تَشْتاقُكُمْ … وإلى كمالِ جمالكُمْ ترتاحُ

وارحْمَتَا للعاشقِينَ تكلَّفوا … سَتْر المحبَّةِ والهوى فَضَّاحُ

بالسِّرِّ إنْ باحوا تُباح دماؤهم … وكذا دماءُ البائحينَ تباحُ

وإذا هُمُ كتموا تحدَّثَ عنهم … عند الوُشاةِ المدمعُ السَّحَاحُ

وبَدَتْ شواهدُ للسَّقام عليهُمُ … فيها لِمُشْكِلِ أمرهم إيضاحُ

خَفَضَ الجَنَاحَ لكُمْ وليس عليكُمُ … للصَّبِّ في خَفْضِ الجَنَاح جُناحُ

فإلى لقاكُمْ نَفْسُهُ مُرْتاحةٌ … وإلى رضاكُمْ طَرْفُهُ طَمَّاحُ

عُودوا بنور الوَصْلِ من غَسَقِ الجفا … فالهجر ليلٌ والوصالُ صَبَاحُ

صافاهم فصفوا له فقلوبُهُمْ … في نورها المِشْكاةُ والمِصْباحُ

وتمتَّعوا فالوقتُ طاب بقُرْبكم … راقَ الشَّرابُ ورقَّتِ الأقداحُ

يا صاحِ ليس على المحبِّ ملامةٌ … إنْ لاحَ في أُفق الوصالِ صباحُ

لا ذنبَ للعُشَّاقِ إنْ غلب الهوى … كتمانَهُمْ فنمى الغرامُ وباحوا

سمحوا بأنفسهمْ وما بخلوا بها … لمَّا دَرَوْا أَنَّ السَّماحَ رباحُ

ودعاهُمُ داعي الحقائقِ دعوةً … فغدوا بها مستأنسين وراحوا

ركبوا على سنن الوفا فدموعُهُمْ … بحرٌ وشِدَّةُ شَوْقهم ملَّاحُ

والله ما طلبوا الوقوفَ ببابه … حتَّى دُعوا وأتاهُمُ المِفْتاحُ

لا يطربونَ بغير ذِكْرِ حبيبهمْ … أبدًا فكلُّ زمانهم أفراحُ

حَضَروا وقد غابتْ شواهِدُ ذاتهم … فتهتَكُوا لمَّا رَأَوْه وصاحوا

أفناهُمُ عنهمْ وقد كُشِفَتْ لهم … حجبُ البقا فتلاشتِ الأرواحُ

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مِثْلَهم … إنَّ التَّشَبُّهَ بالكرامِ فلاحُ

قُمْ يا نديمُ إلى المُدَام فهاتها … في كأسها قد دارتِ الأقداحُ

من كَرْمِ إكرامٍ بدنِّ ديانةٍ … لا خمرة قد داسها الفلاح

قلت (١): وقد وقفتُ على ترجمته في "وَفَيات الأعيان" تصنيف القاضي شمس الدين بن خَلِّكان: كان المذكور من علماء عَصْره، قرأ الحكمة وأُصول الفِقْه على الشيخ


(١) القائل هو قطب الدين اليونيني؛ مختصر "مرآة الزمان".