ومن كلامه: الفكر في صورة قدسية، يتلطَّف بها طالبُ الأريحية، ونواحي القُدُس دار لا يطؤها القوم الجاهلون، وحَرَامٌ على الأجساد المُظْلمة أن تَلِجَ ملكوت السموات، فوحِّدِ الله وأنتَ بتعظيمه ملآن، واذكُرْه وأنتَ من ملابس الأكوان عُرْيان، ولو كان في الوجود شمسان لانْطَمَسَتِ الأركان، فأبى النِّظام أن يكون غير ما كان:[من الكامل]
فخفيتُ حتَّى قلتُ لستُ بظاهرٍ … وظهرتُ من سَعَتي على الأكوانِ
آخر:[من الرمل]
لو علمنا أننا ما نلتقي … لقضينا من سُلَيمى وَطَرا
اللهم خلِّصْ لطيفي من هذا العالم الكثيف.
وتنسب إليه أشعار، فمن ذلك ما قاله في النفس على مثال أبيات ابن سينا العينية، فقال هذا الحكيم:[من الكامل]
وتلفَّتَتْ نحو الدِّيار فشاقَها … رَبْعٌ عَفَتْ أطلالُه فتمزَّقا
وقفتْ تُسائِلُهُ فردَّ جوابَها … رَجْعُ الصَّدى أَنْ لا سبيل إلى اللِّقا
فكأنَّها بَرْق تألَّقَ بالحِمى … ثُمَّ انطوى فكأَنَّه ما أبرقا
وله في النَّظْم والنَّثْر أشياء لطيفة لا حاجة إلى الإطالة بذكرها، وكان شافعيَّ المذهب، ويلقب بالمُؤَيَّد بالملكوت، وكان يُتَّهم بانحلالِ العقيدة والتعطيل، ويعتقد مذهب الحكماء المتقدِّمين، واشتهر ذلك عنه، فلما وَصَلَ إلى حلب أفتى علماؤها بإباحة قَتْله بسبب اعتقاده، وما ظَهَرَ لهم من سوء مَذْهبه، وكان أشدَّ الجماعة عليه الشيخان زين الدين ومجد الدين ابنا جَهْبل.
وقال الشيخ سيف الدين الآمِدي: اجتمعتُ بالسُّهْرَوَرْدِي في حلب، فقال لي: لا بُدَّ أَنْ أملك الأرض. فقلتُ: من أين لك هذا؟ فقال: رأيتُ في المنام كأني شربتُ ماء البحر، فقلت: لعل يكون اشتهار العلم أو يناسب هذا، فرأيته لا يرجع عما وقع في نفسه، ورأيتُه كثيرَ العِلْم، قليل العقل، ويقال: إنه لما تحقَّق القتل كان كثيرًا ما يُنْشد: [من الهزج]