أخو البهلوان لأمِّه، فلم يزل طغريل تحت يده حتَّى أنف من الحجر، فخرج عن يده، وانضاف إليه جماعة من الأُمراء، وكسر عسكر الخليفة، وأسر ابن يونس -كما ذكرنا- وهابته الملوك، وخاف منه القزل، وانضاف إلى طغريل عِدَّةٌ من مماليك البهلوان، فقيل له: لا تأمن أن يغتالوك فيقتلوك! فقتل جماعةً منهم، وفارقه الباقون، وضعف، فقصده قزل، فهرب منه، فولى قزل سنجر بن سليمان شاه، وخاطبه بمعين الدِّين.
وكان طغريل سفَّاكًا للدِّماء، قتل وزيره رضي الدين الغَزْنوي، وفخر الدين العلوي رئيس هَمَذَان، وزوجه حسن بن قفجاق أُخته، وجمع القزل عليه التُّرْكمان، فكسر طغريل، وحَبَسَه في بعض القلاع، فلما قُتِلَ قزل تعصَّب لطغريل امرأةٌ في القلعة التي كان بها، وشَرَطَتْ عليه أن يتزوَّجها إذا خلَّصَتْه، فأخرجته، فجاء إلى هَمَذَان، فالتقاه قتلغ ايناخ، وكان نائبًا عن قزل في الأتابكية، فاقتتلوا، فانهزم قتلغ، واستولى طغريل على المماليك، وزوج أم قتلغ إلى خوارزم شاه. وقيل: إنه قتل أم قتلغ أيضًا، وعرَّف قتلغ خوارزم شاه ما فعل طغريل، فخرج الخوارَزْمي في عساكره إلى العراق، وسار إليه طغريل، فالتقيا على الرّيّ، فجاءت طغريل نُشَّابة في عينه، فضربه مملوكٌ له بالسَّيف من ورائه، فقتله، وقَطَعَ رأسه، وحمله إلى الخوارزمي، فبعث به إلى بغداد، فدخلوا به في جُمادى الأولى على خشبةٍ، وكوساتُه مشقَّقة، وسنجقه وراءه مكسورٌ منكس.
قال المصنف ﵀: وقد رأيتُه، وكان من أحسنِ النَّاس صورة، ووجهه كأنَّه القمر، وأثر النُّشَّابة في عينه، وعلى خدِّه ضربة. قالوا: كان دور سيفيه عشرة أشبار، وعُلِّق رأسه بباب النوبي، ثم رُدَّ إلى خزانة الرؤوس، فجاءت فارةٌ، فأكلت أنفه وأُذنيه، وبقي الرأس إلى سنة إحدى وست مئة، فوقع حريقٌ في خزانة الرؤوس، فاحترق الجميع. وكتب خوارزم شاه إلى الخليفة كتابًا يضمن الطاعة، واستولى على خُراسان والجبال والرّي وأصبهان وغيرها مضافًا إلى ما بيده مما وراء النَّهر.
وهذا طغريل آخر السَّلْجوقية، وعِدَّتهم نيف وعشرون ملكًا، ومُدَّة ملكهم مئة وستون سنة، أولهم طُغْرُلْبَك، وأول ما ظهرت راياتُه من خراسان سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة، ودخل بغداد سنة سبعٍ وأربعين، وأعاد القائم إلى بغداد سنة إحدى وخمسين، وتوفي سنة خمس وخمسين وأربع مئة، ولم يكن له ولد، فولَّى ألب رسلان بن داود بن