للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرس، فدخل قربوس السرج في فؤاده، فحمل إلى القاهرة، فمات] (١) في العشرين من المحرَّم، ودُفِنَ عند الشَّافعي -رحمة الله عليه- عن سبعٍ وعشرين سنة وشهور.

وقيل: عن ثمانٍ وعشرين سنة.

وقال ابنُ القادسي: كان قد ركب وتبع غزالة، [فوقع] (١) فاندقت عُنُقه، وبقي أربعة أيام، ومات، ونَصَّ على ولده إنْ أمضى العادل ذلك، وكانت الوصية إلى أميرٍ كبير اسمه أزكش، فوثبتِ الأسديةُ عليه، فقتلوه.

قال المصنِّف : وهذه من هَنَات ابن القادسي [بقوله: اندقت عنقه] (١)، فإنَّ الملك العزيز ما اندقَّت عنقه، وإنما دخل قربوس السَّرج في فؤاده، وأقام بالقاهرة أسبوعين، ونصَّ على ولده ناصر الدين محمد، وهو أكبر أولاده، وكان له عشرة أولاد، ولم يذكر عمَّه العادل في الوصية. فأما سيف الدين أزكش فكان مقدَّم الأسدية، كبيرَ القَدْرِ فيهم، وعاش بعد العزيز مُدَّة طويلة، [وسنذكره] (١).

ذِكْرُ ما جرى بعد وفاته:

كان لابنه محمد عشر سنين، وكان مقدَّم الصلاحية فخر الدين شركس وأسد الدين سراسُنْقُر وزين الدين قَرَاجا، فاتَّفقوا على ناصرِ الدِّين محمد، وحلَّفوا له الأُمراء، وكان سيف الدين أزكوش مقدَّم الأسدية غائبًا بأسوان، فقدم، فصوَّب رأيهم وما فعلوه، إلا أَنَّه قال: هو صغير السِّنِّ لا ينهض بأعباء الملك، ولا بُدَّ من تدبيرِ كبيرٍ يحسم الموادَّ، ويقيم الأمور، والعادِلُ مشغولٌ في الشَّرْق بمارِدِين، وما ثَمَّ أقرب من الأفضل نجعله أتابك العَسْكر، فلم يمكن الصلاحية مخالفة الأسدية، وقالوا: افعلوا، فكتَبَ أزكش إلى الأفضل يستدعيه وهو بصَرْخَد، وكتبتِ الصَّلاحية إلى مَنْ في دمشق من أصحابهم يقولون: قد اتفقتِ الأسدية على الأفضل، وإن مَلَكَ حكموا علينا، فامنعوه من المجيء. فركب عسكر دمشق ليمنعوه، ففاتهم، وكان الأفضل قد التقى نجَّابًا من شركس إلى مَنْ في دمشق بهذا المعنى، ومعه كُتُبٌ، فأخذها منه وقال: ارجعْ، فرجَعَ إلى مِصْر، ولما وصل الأفضل إلى مِصْر التقاه الأسدية والصَّلاحية، ورأى شركس النجاب، فقال: ما أسرعَ ما عُدْتَ، فأخبره الخبر،


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).