المُصَلَّى، وكان [شيخنا] (١) تاج الدين الكِنْدي حاضرًا، [فلما خرج من الباب زحموه، فانكشف رأسه، ووقعت عمامته، فعز عليَّ، وسألته وأقسمت عليه أن يمضي إلى دمشق، فامتنع، وقال: لا والله حتى نتمم المجلس] (١). وتابَ في ذلك اليوم زيادة على خمس مئة شاب، وقطعوا شعورهم، وجرى كلامٌ في المغناطيس [وأنه يعشق الحديد، ثم قلت:] (١) والخُبَّازى يعشق الشمس، ولهذا كلَّما مالت الشمس إلى جهةٍ مال الخُبَّازى إليها. فصاحَ سيفُ الدِّين بنُ تميرك، وكان حاضرًا: يا مولاي شمسَ الدِّين، كلُّنا اليوم خُبَّازى.
وحجَّ بالنَّاس مجاهد الدين ياقوت، [وهي أول حجة حجَّها، وحج] (١) صدرجهان، ووصلتُ حلب في ذي الحِجَّة، واجتمعتُ بمسعود بن أبي الفَضْل أبي الفتح النَّقَّاش الحلبي الشاعر تاج الدين، وأنشدني مُقَطَّعات من شعره: [وكتبها لي بخطِّه، ومولده] (١) سنة أربعين وخمس مئة، فمن ذلك: [من السريع]
ما لي سوى حُبِّكُمُ مَذْهَبُ … ولا إلى غَيرِكُمُ مَذْهَبُ
بددتم شملي فيا هل ترى … يجمعني يومًا بكم مذهب
وساحَ دمعي في هواكم دمًا … فصرت فيكم مثلًا يضرب
أبكي وأنتم نُصْبَ عيني كما … يغص بالماء الذي يشرب
وأعشق التعذيب في حبكم … ومن عذاب النفس ما يَعْذُبُ
ناشدتُكَ الله نسيمَ الصَّبا … من أينَ هذا النَّفَسُ الطَّيِّبُ
أأودَعَتْ برداكَ وقتَ الضُّحى … مكانَ ألقت عِقْدَها زينبُ
أم ناسَمَتْ رَيَّاك روضَ الحِمَى … وذَيلُها من فَوْقِهِ يُسْحَبُ
فهاتِ أتحفني بأخبارها فَعَهْدُكَ … اليومَ بها أَقْرَبُ
أحباب قلبي ليس من جَوْركم … إلا إلى عدلكمُ المهرب
وهبتكم روحي فمن ذا الذي … عاين روحًا قبلها توهب
وعدت أسعى في نجاتي بها … ما كل رأي المرء يُسْتَصْوَبُ
وأنشدني أيضًا: [من السريع]
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).