للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصنف : فكَتَبَ المعظم إليَّ وأنا بدمشق كتابًا بخَطِّه يقول في أوله: أخوه عيسى الكاملي، قد علم الأخ العزيز [-وذكر ألقابًا كثيرة-] (١) بأَنْ قد جرى على دِمْياط ما جرى، وأريد أن تحرِّض النَّاسَ على الجهاد، وتعرِّفهم ما جرى على إخوانهم أهل دِمْياط من الكَفَرة أهل العِناد، وإني كشفتُ ضياع الشَّام فوجدتها ألفي قرية، منهما ألف وست مئة أملاك لأهلها، وأربع مئة سُلْطانية، وكم مقدار ما تقوم هذه الأربع مئة من العساكر! وأريد أن يخرج الدَّماشقة ليذبُّوا عن أملاكهم الأصاغر منهم والأكابر، ويكون لقاؤنا وهم بصحبتك إلى نابُلُس في وقت سَمَّاه. فجلستُ بجامعِ دمشق، وقرأتُ كتابه عليهم، فأجابوا بالسَّمْع والطَّاعة، [وقالوا: نمتثل أمره بحسب الاستطاعة] (١)، وتجهَّزوا، فلما حَلَّ رِكابُه بالسَّاحل وقع التقاعد [من الأماثل، لأن لكل مقامٍ مقالًا، وللحرب رجالًا،] (١) وكان تقاعدهم سببًا لأخذه الثُّمْن والخُمْس منهم، وكتب إلى يقول: إذا لم يخرجوا فَسِرْ أنتَ إلينا. فخرجتُ إلى السَّاحل، وهو نازلٌ على قيسارية، فأقمنا حتى فتحها عَنْوَةً، ثم سرنا إلى الثَّغر، ففتحه، وهدمه، وعاد إلى دمشق بعد أَنْ أخربَ بلاد الفرنج.

وفيها أَلْبَسَ [المعظمُ] (٢) زكيَّ الدِّين القاضي القَبَاء والكلوتة، وكان في قلبه منه حزازاتٌ، يمنعه من إظهارها حياؤه من العادل [وخوفه من الشناعات،] (١) وكان يشكوه [إليَّ مرارًا] (١) ويقول: إنه لا ينفذ [(٣) الأحكام ولا يقيم معالم الإِسلام]، وكنتُ أقول له: يا قاضي، أما قد ثبت عندك هذا الأمر؟ فيقول: بلى. فأقول: فَلِمَ لا تحكم به؟ فيقول: ما أحكم.

واتَّفق موتُ [العادل، ومرضُ] (١) ستِّ الشَّام عَمَّةِ المعظم، وكانت [قد أوصت] (١) بدارها مدرسةً، وأحضرت زكيَّ الدين والشهود، وأشهدتهم عليها، وأوصت إلى القاضي، وبَلَغَ المعظم، فعزَّ عليه، فقال: يحضر إلى دار عمتي من غير إِذْني، ويسمعُ كلامها هو والشهود!


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من "المذيل على الروضتين".
(٣) في (ح): أنه لا ينفذ أحكامه، وكنت أقول له، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).