وكان نورُ الدين بن عماد الدين صاحب قرقيسيا مع الأشرف، وقد كاتَبَ عليه، واتَّفق مع ابن المشطوب، فاعتقله [الأشرف، وبعث به مع العلم تعاسيف إلى قرقيسيا وعانة، وعلِّق نورُ الدين](١) بِرجْليه تحت القلعتين وعُذب، فَسُلِّمت إلى تعاسيف جميعُ بلاده، وأراد الأشرف أن يرميه في الجُبِّ، فشفع فيه المعظَّم، فأطلق، وسار [نور الدين](١) إلى دمشق، فأحسن إليه المعظم، واشترى نور الدين بُسْتان ابن حَيُّوس في العُقَيبة، وأقام به.
وفيها قصد زين الدين المَوْصل، فخرج إليه بدر الدين لؤلؤ، فهزمه ابن زين الدين، فأُفْلت لؤلؤ وحده.
وفي رجب كانت وقعة البرلس بين الكامل والفرنج، قتل الكامل منهم عشرة آلاف، وغنم خيولهم وسلاحهم، ورجعوا إلى دِمْياط مهزومين.
وفيها نَزَلَ الأشرفُ على المَوْصل نجدة لبدر الدين على ابن زين الدين، وعَزَمَ على قَصْدِ إربل، فبعث الخليفةُ بهتام الأمير وابن عَطَّاف وسعد الدين الحاجب، فردُّوه عن إربل، وأصلحوا بينهما.
وفيها عزل المعظم المبارز المعتمد عن ولاية دمشق، وولَّى الغرزَ خليلًا.
وفيها كان أَوَّلُ ظهور التَّتر وعبورهم جَيحون، وكان أول ظهورهم من وراء النهر سنة خمس عشرة وست مئة، وقبل عبورهم جيحون قصدوا بخارى وسَمَرْقند، فقتلوا أهلها وسبوهم، وحصروا خوارزم شاه، وعبروا النهر، فوجدوا الخطا قد كسروا خوارزم شاه، فانضمَّ إليهم الخطا، وصاروا تبعًا لهم، وكان خوارزم شاه قد أخلى البلاد من الملوك، فلم يجدوا أحدًا يردُّهم، ووصل [التتر إلى](١) الري وقزوين وهَمَذَان في هذه السنة، فقتلوا أهلها، وأحرقوا مساجدها، وسبوا، ثم توجهوا إلى بلاد أذربيجان ففعلوا كذلك.